أشارت صحيفة «الوطن» الكويتية قبل عام إلى تقرير إسرائيلي بعنوان «يقظة العلويين الأتراك» يتحدث عن صدام متصاعد بين حكومة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا والطائفة العلوية، وجاء في التقرير أن «دور حكومة أردوغان في الصراع في سوريا ودعم المعارضة السُنية ضد بشار الأسد، فاقم التوتر بين العلويين والحزب الإسلامي الحاكم»، وأضاف التقرير «أن ما زاد من سخط العلويين الأتراك البالغ عددهم 20 مليون نسمة، رفض السلطة تشييد دور عبارة خاصة بالعلويين تعرف بـ«بيت الجمع» بالتركية، وإطلاق اسم السلطان سليم الأول على جسر جديد سيقام في مضيق البسفور، كون هذا السلطان ارتكب مجازر ضد الطائفة العلوية في البلاد». وفي تقرير ثان نشرته «الشرق الأوسط» جاء فيه أن الأزمة السورية تقتضي الآن أن تتواصل حكومة تركيا مع العلويين في كل من سوريا وتركيا، لتتجنب مخاطر عدم الاستقرار القادم من سوريا، حيث لعب العلويون الأتراك دوراً ضخماً في المسيرات المعارضة لحزب «العدالة والتنمية»، ويعتبر العلويون سياسة تركيا معادية لهم طائفياً، بسبب ما يرونه انحيازاً للسوريين السُنة، ويتعاطف العلويون في تركيا مع العلمانيين منذ أيام أتاتورك، «قادهم إلى ذلك موقف الدولة العثمانية السابق ضدهم، وعلى اعتبار أن إعلان الجمهورية سيكون نهاية لاضطهادهم، حتى نظروا إلى أتاتورك كمخلص، ففي مناسباتهم الدينية يضعون صورته إلى جانب صورة ترمز إلى الإمام علي بن أبي طالب» [النصيرية العلوية بسوريا، رشيد الخيون، دبي – دار مدارك، 2012، ص144]. ويحظى حزب «الشعب الجمهوري العلماني» بتعاطف العلويين اليوم ويحظى بشعبية بينهم، وهو حزب معارض لحكومة أردوغان كما أنه متواصل بالفعل مع نظام «البعث» في دمشق، ليحوز قبول العلويين السوريين، وتذهب توقعات بعض الخبراء إلى أن سوريا قد تتفكك إلى دولة ضعيفة مقسمة، وبصرف النظر عن بقاء الأسد أو رحيله، فسوف تواجه تركيا اضطرابات قد يكون محورها النزاع بين العلويين والسُنة، على عتبة بابها في الجنوب. ولم يكن الطابع الديني أو المذهبي بارزاً في الطائفة العلوية التركية حتى انقلاب سبتمبر 1980، «فقد عزز الانقلاب الاتجاهات المتشددة، وفرض عليهم التدريس الإجباري لمادة الدين على المذهب الحنفي»، ويضيف «الخيون»: أن مثقفي العلويين أصدروا في مارس 1989 بياناً يلخص اعتراضاتهم على الضغوط المذهبية جاء فيه: 1- إن العلويين جناح من الإسلام بتركيا. 2- إن السُنة الأتراك لا يعرفون شيئاً عن مواطنيهم العلويين ماعدا الشائعات، فالإعلام لا يقدم شيئاً عنهم، وهناك دعاية في المدارس ضدهم. 3- رئاسة الشؤون الدينية بتركيا لا تمثلهم، وعلى الدولة منع الرئاسة الدينية من إشادة الجوامع السُنية في قراهم ومناطقهم. 4- الدولة تعمل على تجاهلهم، وأن معاداتهم تؤثر في السياسة التركية تجاههم فأعضاء الحكومة والبرلمان يخشون التلفظ بكلمة «علوي» والدولة تمزج بين «العلوية» والفكر «الشيعي» الإيراني وهذا خطأ. 5- لقد انتهى اضطهاد العلويين بقيام الدولة التركية، بعد الحرب العالمية الأولى، لكن الضغوط الاجتماعية والدينية ضدهم ظلت مستمرة. [الخيون ص145]. جاء في مقابلة أذيعت يوم 29-11-2014 في القناة التركية – العربية، أن جمعاً من رجال الدين العلويين، ويسمى رجل الدين العلوي «دَدَه» قد اجتمعوا برئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وسلموه ورقة بـ12 مطلباً من بينها السماح لهم بالتعيين في مناصب الدولة الرفيعة، وشرعنة دور عبادتهم، وإجراء بعض التعديلات الدستورية التي تحد من حرياتهم حالياً ومنها مثلاً إخراج رئاسة الشؤون الدينية عن الهيمنة للحكومة، وعدم إجبار التلاميذ على دروس التربية الدينية المدرسية لأنها لا تراعي الاختلافات المذهبية، وتولي المؤسسات العلوية بدلاً من الأوقاف التركية الإشراف على مزارات ومدافن شيوخ العلويين وبخاصة «بكداش ولي»، وإنشاء معاهد عليا لتدريس فقه المذهب العلوي، وعدم فرض المساجد السنية في القرى العلوية، وتدريس التاريخ الإسلامي والوطني في المدارس التركية وفق منهج يوافق عليه الجانبان، وحماية المقابر والمزارات العلوية لدى تنفيذ المشاريع ومد الطرق، واعتبار يوم عاشوراء عطلة رسمية، وأخيراً تسمية الجسر الجديد المزمع مده فوق البسفور بالشاه إسماعيل الصفوي، لأنه كان تركياً كذلك مثل السلطان سليم. ولا يسهل على الحكومة التركية حتى لو وافقت أن تلبي كل هذه المطالب، فمثلاً الدعوة لتعديل مواد الدستور، تتطلب إجراءات برلمانية بحاجة لموافقة الأحزاب الأخرى، ولكن الحكومة وعدت بتنفيذ كل ما تستطيع منها، حيث عمدت فوراً إلى تخصيص مقعد للفقه الشيعي في كلية الشريعة، وتقدمت بدورها بحزمة من الحقوق للعلويين، منها تخصيص رواتب شهرية لموظفي دور العبادة العلوية ودفع بقية مصاريف إدارتها ونفقاتها، وجعل تدريس المذهب العلوي مادة اختيارية في المدارس الحكومية لتشجيع الطلبة من المذاهب الأخرى على فهم المذهب العلوي، وإعادة دراسة الهيكل الوظيفي لتعيين ذوي الكفاءة من العلويين في مختلف المناصب الحكومية، وإعادة تسمية بعض المدن والتباحث بشأن وضع دستور جديد يساوي بين كل المذاهب والأديان، بدلاً من دستور 1925 الذي وضع في زمن مصطفى كمال أتاتورك، وتضمن مواد تحد من حقوق وحريات المتصوفة والعلويين وتغلق بعض مؤسساتهم.