شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية خلال الأيام الماضية سلسلة من الاتهامات المتبادلة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبعض شركائه في الحكومة الائتلافية، مثل يائير لابيد (زعيم حزب «يشي عاتيد») وتسيبي ليفني (زعيمة حزب «الحركة»). وقد وصف نتنياهو لابيد بقوله إنه كان متآمراً على الحكومة التي كان شريكاً فيها، وراح يعد في الظلام لتوجيه ضربة إليها. ولخص نتنياهو اتهامه بقوله: لقد كانوا يعدون لانقلاب على الحكومة ورئيسها. ويقصد نتنياهو أن زعيم «يشي عاتيد» حاول التفاهم مع الأحزاب الدينية الحريدية في المعارضة لتأييد إقامة حكومة جديدة برئاسته تشارك فيها هذه الأحزاب. هذا بينما اتهم لبيد نتنياهو بأنه عديم المسؤولية الوطنية، وبأنه يخدم أجندته السياسية الضيقة ويجر البلاد لانتخابات مبكرة تكلف الميزانية فوق طاقتها. كذلك قال الرجل الثاني في «يشي عاتيد»، وهو وزير التعليم شاي بيرون، عن نتنياهو بأنه مثير لخجل الإسرائيليين. أما ليفني فاتهمت نتنياهو بأنه يجر إسرائيل والمنطقة إلى حرب دينية بالقانون العنصري، الذي سنّه حول يهودية الدولة، والذي يميز بين العرب واليهود على أساس ديني. لقد تصاعدت موجة الاتهامات المتبادلة إلى حد تطلب عقد اجتماعين منفردين بين كل من نتنياهو ولابيد ونتنياهو وليفني. انتهى الاجتماعان إلى الفشل، وإذا برئيس الحكومة يتخذ قراراً مفاجئاً بإقالة الاثنين من حكومته والدعوة لانتخابات جديدة مبكرة تجري في شهر مارس 2015. لقد كان الموعد الطبيعي للانتخابات هو مطلع 2017 لتمضي الحكومة مدتها القانونية (أربع سنوات). ما يهمنا كعرب في هذه التطورات هو فهم أسبابها. وإن السبب الأول والرئيسي للخلاف بين نتنياهو ولابيد هو كون الأخير ممثلاً للطبقة الوسطى التي انتخبته بعد مظاهرات جرت عام 2011 احتجاجاً على غلاء المساكن والمعيشة. لقد أعد لابيد قانوناً يعفي الأزواج الشبان من دفع ضرائب إضافية على الشقق التي يشترونها أول مرة، ووافقت عليه الحكومة، غير أن نتنياهو طلب إلغاء القانون وعدم تنفيذه، وهو ما يدمر صورة لابيد أمام ناخبيه الذين منحوه 19 مقعداً في الكنيست ليكون الحزب الثالث بعد «ليكود» و«إسرائيل بيتنا» الذي حصل على 30 مقعداً. إن هذا أهم أسباب الخلاف بين الاثنين. أما ليفني فإن خلافها من نتنياهو يتعلق أساساً بالتوجه العنصري الديني من ناحية وتدمير عملية السلام من ناحية ثانية.