في الرابع والعشرين من نوفمبر، أعلن الرئيس «أوباما» أن وزير دفاعه الثالث «تشاك هيجل» سيترك منصبه بعد أقل من عامين في هذا المنصب. وحتى الآن لم يتم العثور على مَن يخلفه، لذا فإن «هيجل» سيبقى في منصبه حتى يتم اختيار وزير دفاع جديد. وبعض الخيارات المحتملة لمن يحل محله، ومن بينها وكيلة وزارة الدفاع السابقة للشؤون السياسية «ميشيل فلورنوي»، والسيناتور «جاك ريد» عن ولاية رود أيلاند.. تجعل من الواضح أنهما لا يرغبان في تولي هذا المنصب، لكن من الصعب معرفة الأسباب. وقد جاء «هيجل» إلى وزارة الدفاع ليحل محل «ليون بانيتا». بيد أنه كان اختياراً مثيراً للجدل منذ أن كان سيناتور جمهوري من ولاية «إيداهو»، حيث كان شديد الانتقاد للحرب الأميركية في العراق. وقد جعله ذلك يفتقر إلى الشعبية لدى قادة حزبه، لذا لم يصوت على ترشيحه سوى أربعة نواب جمهوريين فقط من لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ. لكن باعتباره واحداً من القلة المتبقية من قادة الولايات المتحدة الذين شهدوا حرب فيتنام، فقد كان يحظى بجاذبية طبيعية للرجال والنساء الذين يخدمون في القوات المسلحة الأميركية. كما أنه أقام علاقة عمل جيدة مع الرئيس «أوباما» عندما كان كلاهما يعمل في مجلس الشيوخ الأميركي. وقد تم تكليف «هيجل» بمهمة لا يحسد عليها حيث كان يقود عملية الانسحاب من الحرب في أفغانستان ويشرف على الخفض التدريجي لنفقات وزارة الدفاع. لكنه وجد، بدلا من ذلك، تمرداً جديداً في العراق من شأنه أن يتطلب استجابة عسكرية أميركية. هذا إلى جانب أزمة في أوكرانيا مع قيام روسيا باستعراض عضلاتها العسكرية، ومخاوف في شرق آسيا من أن تترك الولايات المتحدة العديد من حلفائها تحت رحمة المؤسسة العسكرية الصينية المتنامية. ومثل سلفيه في وزارة الدفاع، «بانيتا» و«روبرت جيتس»، وجد «هيجل» أنه من الصعب التعامل مع موظفي البيت الأبيض الذين كانت لديهم رغبة شديدة في الإشراف الدقيق على عمله، وفي نفس الوقت استبعاده من حضور بعض جلسات التخطيط المغلقة حول السياسة الخارجية، والتي كانت تعقد تحت رئاسة «أوباما» وأقرب مساعديه. وفي نفس الوقت، تم تقديم المزيد من الطلبات إلى وزارة الدفاع، ومن بينها الدعم الفعال لاحتواء أزمة تفشي فيروس إيبولا في غرب أفريقيا. كما كان يتعين على «هيجل» الصراع مع حلفاء «الناتو» للحد من نفقات الدفاع الخاصة بهم، بينما كانت روسيا في نفس الوقت تُصعِّد من سلوكها العدواني في أوروبا. وبعبارة أخرى، فإن من سيتولى وزارة الدفاع بعد رحيل «هيجل» لن يواجه فقط أجندة صعبة تشمل الحرب الدائرة ضد تنظيم «داعش»، لكنه سيتعين عليه أيضاً التعامل مع الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون حالياً ورئيس لم يتبق أمامه في السلطة سوى عامين فقط، علاوة على أنه يُنظر إليه بالفعل باعتباره «بطة عرجاء». ورغم ذلك، فإن هناك عددا من التهديدات الجديدة التي قد يواجهها الرئيس ووزارة الدفاع خلال العامين المقبلين. فقد يكون نشوب أزمة مع إيران أمراً لا مفر منه حال فشل المحادثات النووية، ومطالبة المحافظين الجدد بالنظر في القيام بإجراء عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية. ومن ناحية أخرى، فإن الهجمات الإرهابية الجديدة من جانب «داعش» و«القاعدة» قد تهدد حلفاء الولايات المتحدة المقربين. أما الحكومة الوليدة في أفغانستان فسيتواصل احتياجها لمساعدة الولايات المتحدة ودعمها العسكري إذا ما أُريد لها البقاء على قيد الحياة. أما الخبر السار الوحيد بالنسبة للرئيس ومؤسسة الدفاع فهو انخفاض أسعار النفط. وحيث إن الولايات المتحدة هي أكبر مستهلك للنفط، فإن انخفاض الأسعار سيساعد ميزانية الدفاع، فبينما سيعاني الخصوم مثل روسيا وإيران وفنزويلا المزيد من الصعوبات ما لم ترتفع أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة. وبالفعل، اضطرت روسيا للتخلي عن خططها الهائلة لبناء خط أنابيب للغاز يمتد تحت البحر الأسود إلى جنوب أوروبا، ولذا فإن خطط الرئيس الروسي «بوتين» بالنسبة لإنشاء جيش روسي أقوى ستتقلص. إن عامين هي فترة طويلة نسبياً في السياسة، وبإمكان وزير الدفاع الجديد أن يجد عملا، ليس فقط صعباً، لكنه أيضاً مجزٍ، إذا ما بدأ عدد من الأحداث في التحول لصالح الولايات المتحدة بما في ذلك هزيمة «داعش» والحد من ضغوط الكونجرس لتقليل موازنة الدفاع.