كلما حل اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة استعاد المرء بكل الفخر والاعتزاز معنى تأسيس هذه الدولة ونجاحها، وكمواطن وباحث عربي أُحب دائماً أن أركز على المعنى الذي يشير إليه ذلك التأسيس وهذا النجاح، فقد نجح شعب الإمارات وقيادته التاريخية في أن يقدموا نموذجاً فذاً لتحقيق الوحدة. كان النضال من أجل الوحدة العربية قد تراوح ما بين النهج الكونفيدرالي كما في تجربة جامعة الدول العربية والطابع الاندماجي كما في تجربة الوحدة المصرية – السورية (1958-1961) وتجربة الوحدة اليمنية منذ 1990 وحتى الآن. تفككت الوحدة المصرية – السورية بعد أكثر قليلاً من ثلاث سنوات ونصف بانقلاب الانفصال السوري في سبتمبر 1961، وعانت الوحدة اليمنية بعد أربعة أعوام من نشأتها من حرب انفصالية شنتها القيادة السابقة للشطر الجنوبي، وعلى الرغم من نجاح الحكومة المركزية في القضاء على هذه المحاولة فقد كان ذلك الانتصار العسكري على قوى الانفصال بداية لتداعيات خطيرة هددت مستقبل الوحدة، إذ تعاملت القيادة اليمنية آنذاك مع شعب الجنوب وكأنه عدو يستحق القصاص مع أن موقفه غير المساند لقيادة الانفصال كان في رأيي السبب الأصيل لدحره، وترتب على هذه المعاملة أن ظهر «الحراك الجنوبي» الذي بدأ كحركة مطلبية وانتهى الآن إلى مطالبة بالانفصال تحظى بتأييد أغلبية اليمنيين الجنوبيين. ويُضاف إلى ما سبق فشل كافة محاولات الوحدة العربية الأخرى بل وتفكك دولتين عربيتين هما الصومال واقعياً والسودان قانونياً، وتعرض دول أخرى لخطر التفكيك كما في العراق وسوريا وليبيا. تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة إذن واحة متفردة في صحراء الوحدة العربية، ولا عجب في هذا، فهي التجربة الوحيدة التي التزمت بجوهر النهج الفيدرالي الذي أُسست عليه دول كالولايات المتحدة، واقتدت به تجارب أخرى كالتجربة الكندية والألمانية والسويسرية، وهو النهج الوحيد الذي أفلح في تحقيق التوازن بين الكبير والصغير من الوحدات الداخلة في الاتحاد. ولا شك أن القيادة التاريخية المؤسسة لدولة الإمارات والمتمثلة في الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عليه رحمة الله كان لها الدور الرئيسي في اتباع النهج السليم في تأسيس الدولة وصونها وتعزيز مسيرتها، ثم خلفه من بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد صاحب الخبرة والحكمة الذي حافظ على النهج، وأضاف إلى الإنجاز العظيم في جميع المجالات، وهكذا تمضى دولة الإمارات راسخة في مسيرتها بفضل قيادتها وشعبها المتمسك بوحدته وقيادته حفظ الله دولة الإمارات العربية المتحدة ومكّن قادتها من دوام العطاء لشعبهم وأمتهم العربية.