صدر كتاب للكاتبة الفرنسية «كيرا دوبون» تحت عنوان «من هؤلاء النساء خلف الحجاب»، والكتاب يحكي قصة تطور بنات دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحتفل بيومها الوطني. وجاء الكتاب ليحكي قصة التطور ليس للنساء، وإنما للمجتمع والدولة التي هيئت البيئة الحاضنة للنهوض بجميع مواطني الدولة. الكاتبة تقول: "بأي معجزة تمكنت المرأة الإماراتية من الانتقال من العصور الوسطى إلى الحداثة. ومن حياة قروية إلى عالم العولمة؟ في أقل من 50 عاماً استطاعت نساء الاتحاد الذي أنشئ في عام 1971 من الارتقاء إلى أعلى مناصب الدولة في مجالس إدارات كبريات الشركات، وأصبحت تؤدي دوراً مهماً في المجتمع". الكاتبة تتكلم عن معجزة حقيقية ترويها للعالم وتقص فيها كيف لدولة نجحت وفق رؤية واضحة في تحقيق النهوض السريع للمرأة الإماراتية التي عرفت بيئتها بالمحافظة وصرامة التقاليد إلا أن صعود الإماراتية إلى مناصب مجالس الإدارات وتبوئها الوزارة ومناصب النيابة والقضاء والمحاماة والطب، جعلها قوة حقيقية تشارك في صنع القرارات المجتمعية وتضع لمساتها على خطط الدولة. بكل تأكيد لم تكن الإماراتية تختلف عن باقي النساء، إلا أن الخلاف هو إيمان القيادة السياسية بدور المرأة الذي نطلق عليه نصف المجتمع، فما كان من القيادة السياسية، إلا العمل على وضع خطط الاستثمار في القوى البشرية باعتبارها هي القوة الاقتصادية الحقيقية، التي تنهض بالمجتمع. الكاتبة تنظر بإعجاب لما حدث للمرأة الإماراتية، وما سجلته في مجال التطور والتنمية في الدولة، وترى أن هذا المجتمع يشكل أحد أهم النماذج الناجحة، الذي يجب أن يقتدى به، فهي ترى أن نموذج الإمارات يجب أن يدرس، وأن تعرف الدول التي مازالت مترددة في مجال حقوق النساء أن الإمارات الدولة المسلمة نجحت دون إخلال بركائز الإسلام، وتعاملت مع المرأة انطلاقاً من سماحة الدين وموقفه المتوازن نحو المرأة. نحن نتحدث عن الاتحاد في السبعينيات من القرن المنصرم، وهي فترة فعلاً قصيرة لدولة استطاعت أن تنهض بخطط متوازية في مختلف المجالات، وما كان لهذه الخطط أن تنجح لولا أن هناك عقولاً تؤمن بالمعجزة وتعمل على تحقيق المعجزات ولديها الرؤية الواضحة. اليوم نحن نتحدث عن الإمارات كدولة خليجية حققت الكثير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والصحي، واستطاعت أن تربط مدنها بشبكة طرق متطورة وتسهل الانتقال، ونجحت في بناء أكبر شبكة للطيران العالمي إلى درجة أن الطيران العريق شعر بالقلق من تمدد شبكات الطيران الإماراتية، التي تحولت بسرعة إلى منافس في عالم الطيران. الإمارات تذكرنا بالتجربة الآسيوية التي أطلق عليها النمور في آسيا، حيث كانت هذه النمور الآسيوية في سبات عميق، وفجأة تتحول إلى قوى اقتصادية عالمية، وكان ذلك وفق خطة استراتيجية نقلت هذه الدولة الآسيوية إلى عالم التقدم. نحن في الخليج لدينا النمر الإماراتي الذي استطاع أن يتحول في وقت قياسي إلى منافس عالمي في مختلف المجالات، وهي فرصة لنا في الخليج أن نتعلم من هذه التجربة، وأن نعمل على تحقيق الأهداف التنموية في ضوء النموذج الإماراتي. دول الخليج العربي تملك المقومات، وربما ما تحتاجه هو التوافق في السياسات العامة والرؤى المستقبلية، وأن ندرك أن تطور الإمارات كدولة خليجية هو مكسب لنا جميعاً، ومن ثم، فإن الاستفادة من هذه التجربة نعتبره إثراء لنا جميعاً. ولا نملك في هذه المناسبة، إلا أن نهنئ الشعب الإماراتي والقيادة السياسية الواعية التي حققت المعجزة.