في الثاني من ديسمبر من كل عام لا تقتصر الفرحة على الاحتفالات باليوم الوطني، وإنما تسرح الذاكرة في شريط جميل منذ اليوم الأول الذي رفع فيه المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، علم الدولة إيذاناً بقيام دولة اتحادية، سيكون لها بعد سنوات قليلة شأن كبير في تحديد مسار الأحداث في المنطقة. ربما يعرف الجيل الجديد البدايات الأولى من خلال الكتابات والأحاديث والصور، لكن جيلنا الذي تابع الخطوات الوحدوية والجهود الكبيرة التي بُذلت أولًا بأول منذ بداياتها في عام 1968، يدرك جيداً حجم التحولات الهائلة التي حدثت في فترة زمنية قصيرة بفضل الإخلاص والإدارة الحكيمة والتفاني في العمل، في انسجام نادر بين القيادة وأفراد المجتمع. هذه التركيبة النادرة أفرزت إنجازات وتجربة تنموية رائدة نقلت اقتصاد بلد صغير إلى ثاني أكبر اقتصاد عربي وتجربة تنموية عالمية تقف إلى جانب أفضل وأنجح التجارب التنموية في العالم، تحولت معها المدن إلى مراكز جذب لكبريات الشركات وكبار المستثمرين بفضل تطور البنية التحتية والتسهيلات والمرافق التي تضاهي مثيلاتها في البلدان المتقدمة. وشريط الذكريات الجميل يدوّن تحول مطارات وموانئ الدولة من محطات صغيرة إلى أهم وأكبر المطارات والموانئ الدولية، والتي يصعب تصور وضع النقل الجوي والتجارة بين الدول بدونها، بعد أن تحولت الإمارات في ظل الاتحاد إلى مركز عالمي للنقل والتجارة يربط بين أهم مكونات المراكز المالية والتجارية في مختلف القارات. وفي مجالي التعليم والصحة يعيد الشريط ذكريات مدارس ومستوصفات محدودة وبسيطة في عام 1971، إلى وجود جامعات ومعاهد ومدارس ومستشفيات بمواصفات وخدمات راقية تتعاون وتنسق مع مثيلاتها العريقة عالمياً، أدت إلى رفع المستويين التعليمي والصحي ليس للمواطنين فحسب، وإنما لملايين المقيمين أيضاً، وساهمت في إنقاذ ملايين أخرى في العديد من البلدان من خلال الإغاثة والإعانات المقدمة للمحتاجين والمتضررين. ومن بنوك صغيرة تقتصر أعمالها أساساً على الودائع وتقديم القروض، إلى مؤسسات مصرفية ومراكز مالية كبيرة ومتطورة تدير ثروات هائلة وتتعامل بكفاءة وندية في أسواق المال الدولية وتصنف ضمن أهم المؤسسات المالية التي تسعى مختلف البلدان لاستقطابها. وفي عام التأسيس لم يكن هناك سوى مصانع صغيرة لإنتاج بعض مواد البناء، لتتحول الدولة بعد 43 عاماً إلى أحد أكبر منتجي الألمنيوم في العالم، وأكبر منتج لهذه المادة في الشرق الأوسط لتشكل الصادرات الصناعية أهم الصادرات غير النفطية. للأسف لا تتسع هذه المساحة لتسجيل كامل شريط الإنجازات الذي يمر بالذاكرة في هذا اليوم، وليضيف معه إنجازات جديدة في كل عام، لنسجل جميعاً كلمة عرفان وتقدير من ذهب للمؤسسين وقادة وأبناء الدولة، ولكل من ساهم في وضع لبنة من لبنات هذا البناء الشامخ.