بينما تأتي الدول العظمى والكبرى من خلال قوتها العسكرية الضخمة ومساحاتها الشاسعة وصناعاتها الثقيلة وعدد سكانها الكبير، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي بمحيطها العربي الكبير كدولة بارزة وفاعلة في السياسة الدولية. فقضايا الوطن العربي كثيرة ومتعددة لطالما كانت دولة الإمارات حاضرة ومبادرة ومشاركة في كل قضاياه، على سبيل المثال، القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي فالكل يدرك البعد السياسي والأمني لمشاركة دولة الإمارات في حرب 1973 التي مثلت دعماً سياسياً واقتصادياً عندما تم قطع النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل. ذلك بأن القيادة الإماراتية تأخذ على عاتقها القضية الفلسطينية بكونها قضية عربية وإسلامية، كما كانت ترى بأن دولاً كثيرة كانت تقف مع إسرائيل ضد مصر والقضية الفلسطينية مما جعل الموقف الإماراتي يكون صارماً في حرب 1973. وتبقى الإمارات مع الحق الفلسطيني في إقامة دولتهِ. إعادة استقرار الوطن العربي، وطننا العربي مر بمراحل من عدم الاستقرار كانت فيه الدول العربية تختلف وتتصارع، وكانت دولة الإمارات تقرب الرؤى والمواقف العربية وتعمل عمل الحكيم في ذلك. فعندما جمدت عضوية مصر في الجامعة العربية بسبب معاهدة كامب ديفيد، كان المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه من أوائل القادة العرب الذين نادوا بعودة مصر إلى محيطها العربي وأن تأخذ دورها الطبيعي. ولعل أخطر مواقف عدم الاستقرار العربي ما حدث في احتلال الكويت من انقسام عربي، وصولا إلى التدخل الدولي لتحرير الكويت، وكانت القيادة الإماراتية بيد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان أول من مد يدهً لتجاوز الخلافات العربية العربية. الدول الأكثر فاعلية بمحيطها الإقليمي هي التي تسعى إلى استقرارهِ ونمائهِ وتحقيق الأمن به، فها هي دولة الإمارات كالعادة تعيد استقرار الوطن العربي في منع وضع مستقبل الوطن العربي بيد دعاة الدين والإسلام، أولئك الذين أغروا عقول الناس بخطاباتهم الدينية، والذين إذا ماحكموا فإنهم على عكس أقدام التنمية والتقدم والحرية سوف يمشون، فالوطن العربي يكفيه مشاكلهُ في مساحة الفقر وضعف القاعدة التنموية. ففي كل قضية وصراع وقتال وكوارث من دمشق وصنعاء وليبيا وغيرها تكون الإمارات المحرك والمبادر لإنهاء وتخفيف المعاناة على البشر. وإلى منطقة الخليج من الوطن العربي حيث تتلاطم أمواج عدم الاستقرار فيهِ، كانت السياسة الإماراتية مبلورة لفكرة أمن الخليج عبر تأسيس منظمة مجلس التعاون الخليجي، كما كانت ومازالت تجيد إدراة السياسة لتحقيق أمن الخليج من خلال تجاوز الخلافات الخليجية، ولعل آخرها إعادة السفراء مع قطر، إضافة إلى ذلك، التعاطي مع إيران كدولة خليجية يمكن حل الصراعات معها بالطرق السلمية، كما إن دولة الإمارات تسعى لخروج العراق مرة أخرى كدولة عربية خليجية تتجاوز العصبية المذهبية وترجع إلى دورها الأساسي في التنمية الداخلية للشعب العراقي، والمشاركة البناءة بمحيطها العربي وسياستها الدولية. وإذا كانت الدول الكبرى والمتقدمة تتميز بتنميتها الضخمة في الإنتاج والهوية الصناعية والموارد البشرية، فإن الإمارات أصبحت نموذجاً للوطن العربي في السياسة العامة التي تغطي جميع جوانب الحياة من التعليم والصحة والبيئة وتوزيع الدخل وتطوير الاقتصاد، حتى أصبحت تهتم بمستقبل الأجيال القادمة من خلال تلبية احتياجات الحاضر مع الاهتمام بالأجيال القادمة. كما أن الإمارات لها حضورها العالمي كدولة عربية تدعم المشاريع التنموية وتغيث الفقراء وتخفف معاناة الشعوب في العالم بأسرة، مما جعلها قوة ناعمة للوطن العربي عند الأمم الأخرى. وكلنا أمل أن يصبح الوطن العربي كتلة سياسية وأمنية واقتصادية وصناعية وزراعية كبيرة تضاهي الدول الكبرى والمتقدمة، وفي هذه الحالة تكون دولة الإمارات بتجربتها التنموية الرائدة ومشاركتها الإيجابية محفزاً على استقرار ونماء الوطن العربي.