لا أجمل من احتفال بيوم بلادي. وفرح بلادي يتبدى في بهجة تعمُ الطرقات وتملأ العيون، وتأتي بالمطر والسعادة لوطن ليس كغيره من الأوطان. نحن نحتفل به كل صباح، حين نضع أمام أعيننا هم الوطن وبناءه وتنميته. احتفالنا اليوم تتويج لشعب ولأحلام سعت لواقع جميل على أن تكون فيه بلادي أجمل البلدان. ولا أجمل من احتفال بعودة أواصر الأخوة بين الأشقاء على الساحة الخليجية، وعودة العلاقة والتواصل الإيجابي، يعني أن تسير الأمور ضمن مجراها، ولا يعيقها خلاف أو مشكلة أو عوائق تحبس جريان النجاحات كل يوم. والذين أدعو أن الخلافات في تزايد تعلموا درساً مفاده أن الأخوة، وإن شابها قليل قلق، فلابد له من انقضاء، لذلك فالعيد اليوم عيد مختلف. نرحب به برحابه صدر الإمارات وسعة أفقها، ويحتفل بأنها تجاوزت الأربعين، عمر الحكمة والنجاح وتحقيق الأمنيات الصعبة. اليوم الوطني في بلادي له مذاق الفرحة، التي نراها في الألوان، إنها فرحة بلادي، التي استثمرت في أبنائها وأعطتهم مساحات شاسعة للحفاظ على شواطئها ورمالها، علمهم الآباء كيف يكون الحفاظ عليها واجباً وشرفاً وحباً عظيماً لا يضاهيه حب. هذا الإنجاز لم يأتِ بفراغ أو مصادفة، فقد كانت أجيال سبقت ووصفت همها أن تقوم بهذا الوطن، وأن تجعل له موقعاً على خارطة الأوطان، وليس الأمر كما يحسبه البعض النفط جاء ليعطينا كل هذا الزحم، فلولا الإدارة والعمل والقناعة بحاجة البلاد، لأولادها لما كان لهذه الدولة هذه المكانة. فالنفط جاء لغيرنا، لكنهم لم يكونوا على موعد مثلنا مع أوطانهم، ولم يسرِ الوطن في دماء عروقهم مثلما يسري فينا، فلن نزعم ولن ندعي أننا مختلفون، وإن بلادنا مختلفة، وأن تجربتها كانت قاسية وموحشة لولا فسحة الأمل وإصرار أجدادنا على أن يكون للمكان مكانته. كم أخذ البحر من أرواح الأحبة، وكم سرقت الصحراء لقب الأجداد، وكم أخذت منهم ليعمروا هذا الوطن، ويعيشوا في رحابه متأكدين من أنهم يأخذون بيده نحو ضوء النهار الدافئ، المتسلل لكل عتمة، وإنْ كانت عميقة وبعيدة. احتفالنا السعيد الذي نراه اليوم مكتوباً على صفحات الوجوه هو احتفال بأنفسنا.. احتفال بشعب بذل وسيبذل كل ما في وسعه من أجل الإمارات. جنة الخلد الوطن هذا الوطن بالذات جنة الله في أرضه ليس لأنه حدائق غناء، لكن لأنه ظل ظليل للقريب والبعيد، وملاذاً آمناً لكل المتوجسين، وصدقاُ مغرطاً لكل من صدق أن الوطن يجب أن نحبه بالعمل وتحقيق المستحيلات. كل عام وبلادي تحتفل وتزهو بعيدها وترتدي ثوب العزة والأمان، وكل عام والإمارات آمنة، سعيدة وتوزع الأفراح على الجميع وتحضن أهلها وناسها، وكل من أحبها وعاش في أحضانها. عيدك سعيد يا بلادي * كاتبة إماراتية