حرصت دولة الإمارات منذ نشأة اتحادها في عام 1971، على يد المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على توجيه مواردها الاقتصادية إلى القطاعات الحيوية، فلم تركن إلى ما تمتلكه من موارد نفطية، بل سعت إلى وضع أسس متينة لاقتصادها الوطني، وعملت على تنويعه بعيداً عن القطاع النفطي، وعياً منها بأن هذا التنويع هو الشرط الأساسي ضمن شروط استدامة التنمية. ويأتي العيد الوطني الثالث والأربعون للاتحاد؛ ليذكر بحجم الإنجازات التي حققتها الدولة في هذا الإطار، إذ أظهرت البيانات الصادرة حديثاً عن وزارة الاقتصاد الإماراتية أن إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي تخطى الثلثين، ووصلت نسبته إلى نحو 69%، وليعلن بداية عام جديد، تحت قيادة صاحـب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والذي حرص منذ توليه موقع القيادة على استكمال مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة تحت شعار «مرحلة التمكين»، التي يحتل التنويع الاقتصادي مرتبة متقدمة ضمن أولوياتها، والتي شهدت الدولة في ظلها طفرة كبيرة في قطاعات البنية التحتية والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة والصناعة والخدمات المالية والمصرفية والتجارة وغيرها من القطاعات غير النفطية. وكانت هذه الطفرة ذات أثر كبير في معدلات النمو الاقتصادي الكلي في الدولة، ففي أغلب الأحيان ظلت معدلات النمو في القطاعات غير النفطية أعلى بكثير من معدلات النمو على المستوى الكلي، فضلا عن معدلات النمو بالقطاع النفطي، وقد انطبق هذا الأمر بوضوح شديد في سنوات ما قبل الأزمة المالية العالمية، عندما ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي الكلي في الدولة إلى نحو 8% في المتوسط، وكان ذلك بفعل القطاعات غير النفطية في الأساس، إذ أظهرت المؤشرات ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الصناعة الإماراتي إلى نحو 12% في المتوسط خلال الفترة نفسها. وهذا الأمر ذاته مازال مطبقاً على الأداء الاقتصادي الإماراتي في الوقت الراهن، إذ إنه في الوقت الذي تدور فيه معدلات النمو الاقتصادي على المستوى الكلي في الدولة حول 5%، فإن معدلات النمو في القطاعات غير النفطية تتخطى هذا المعدل بهوامش كبيرة، وبخاصة في قطاعات الصناعة والسياحة والتجارة والخدمات المالية والمصرفية. إن المتابع لمؤشرات أداء الاقتصاد الوطني الإماراتي خلال العقود الماضية يجد أن الناتج المحلي الإجمالي تضاعف بنحو 236 مرة منذ نشأة دولة الاتحاد حتى الآن، وهذا ما أظهرته بيانات وزارة الاقتصاد الصادرة مؤخراً، وكان للقطاعات الاقتصادية غير النفطية هي أيضاً دور مهم في دفع الاقتصاد الوطني إلى هذا الإنجاز الكبير، ووفقاً لهذه الأرقام يمكن القول بأن الناتج المحلي الإجمالي لهذه القطاعات يتخطى حاجز تريليون درهم، ويصل إلى نحو 289 مليار دولار، وهذه القيمة تتخطى الحجم الإجمالي لاقتصادات العديد من الدول، ومن بينها: سنغافورة وهونج كونج وتشيلي ونيجيريا ومصر وفنلندا واليونان والبرتغال، وغيرها من الدول، فيما يقيس مدى التطور الذي وصل إليه الاقتصاد غير النفطي لدولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، ومستوى التنويع وحجم القاعدة الإنتاجية التي تمكنت الدولة من بنائها في القطاعات غير النفطية على مدار العقود الماضية. واتساع هذه القاعدة إلى هذا المستوى بطبيعة الحال، هو مؤشر على متانة وجدارة الاقتصاد الوطني، وقدرته على تحمل الضغوط وتجنب الأزمات الاقتصادية في المستقبل، كأحد أوجه التنمية والازدهار. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية