قرار إيران ومجموعة 5+1 تمديد المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي حتى يونيو 2015، كان مبنياً على حقيقتين: الأولى هي استحالة توصل الطرفين لاتفاق بشأن المواضيع الأساسية قبل تاريخ الرابع والعشرين من نوفمبر، خاصة ما يتعلق بكيفية تقليص برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم والإطار الزمني لرفع العقوبات الأممية على إيران. أما الثانية، فتتمثل في حقيقة أنه نظراً للتقدم المعتبر الذي تم إحرازه خلال السنوات الماضية بخصوص تحديد عناصر تسوية نهائية للمشكلة النووية، فإنه من غير الحكمة إنهاء المفاوضات عند هذا الحد وعدم إجراء مزيد منها مستقبلاً. والواقع أنه إذا لم يكن ثمة مزيد من المفاوضات، فإن عدداً من الأحداث المزعجة تبدو محتملة: فإيران ستكون حرة لتستأنف إنتاج اليورانيوم المخصب؛ والمفتشون التابعون للأمم المتحدة الذين يزورون المنشآت الإيرانية قد تُطلب منهم مغادرة البلاد؛ والولايات المتحدة وأوروبا ستعمدان على الأرجح إلى فرض عقوبات جديدة على الاقتصاد الإيراني الذي يعاني أصلاً، في الوقت الذي تواصل فيه أسعار النفط العالمية الانخفاض. وهذا بدوره قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية بين عمال «الياقات الزرقاء» الإيرانيين الذين عانوا أكثر من غيرهم تحت نظام العقوبات. غير أنه إذا رأت جميع الأطراف أن من مصلحتها مواصلة المفاوضات، فإن المناوئين للمفاوضات سيسعون من دون شك لاستغلال الأشهر السبعة المقبلة لتقويض فرص إثمار المفاوضات لاتفاق: فالمتشددون في إيران يمكن أن يمارسوا ضغطاً على النظام حتى يستأنف عمليات التخصيب ويكون أكثر إثارة لمخاوف الغرب في اختبار صواريخ جديدة طويلة المدى. كما أن مجلس الشيوخ الأميركي الذي يتزعمه الجمهوريون، وبدعم من بعض الديمقراطيين، سيحاول على الأرجح تمرير تشريع لفرض مزيد من العقوبات على القطاع المالي والطاقي الإيراني. وقد يصبح من الصعب أكثر وقتئذ ضمان بقاء مجموعة 5+1 موحدة في دعم العقوبات الحالية التي تفرضها الأمم المتحدة. بعض المحافظين الجدد يعتقدون أن إدارة أوباما تقبل واقع أن إيران ستحصل في النهاية على القدرات اللازمة لصنع قنبلة؛ لكن أوباما ليست لديه نية لاستعمال القوة العسكرية الأميركية أو منع حدوث ذلك، حيث سيترك ذلك القرار للرئيس المقبل وسيكتفي في هذا الأثناء بدعم مواصلة المفاوضات على أساس أنه طالما استمرت المفاوضات فلن تكون ثمة دعوة لعمل عسكري. وهناك إمكانية أن تحاول إسرائيل، المتشككة في التزام أوباما منع إيران من امتلاك سلاح نووي، تنفيذ ضربة عسكرية بمفردها. غير أنه إذا كان من غير المتوقع أن يؤدي مثل هذا العمل إلى تدمير البرنامج الإيراني، فإنه يمكن أن يعطله وعلى الأقل يؤخر اليوم الذي ستمتلك فيه إيران أسلحة نووية. وفي هذا الأثناء، يمكن أن تحدث معجزات ويظهر نظام جديد في طهران راغب في قبول اتفاق دائم يستجيب لمطلب إبقاء إيران دولة غير ممتلكة للسلاح النووي. غير أن احتمالات حدوث ذلك بعد ضربة إسرائيلية تُعتبر منعدمة تقريباً. ذلك أن هجوماً من قبل إسرائيل على منشآت إيران لنووية سيشكل عملاً حربياً من شأنه توحيد الإيرانيين بدلاً من تفريقهم. كما أنه سيؤدي من دون شك إلى تسريع البرنامج النووي الإيراني للحصول على القنبلة في أقرب وقت ممكن. كما أنه سيزيد من إمكانية تنفيذ هجمات إرهابية ضد إسرائيل عبر العالم. لهذه الأسباب لوحدها يخلص المرء إلى أن مواصلة العقوبات القاسية تمثل وسيلة إقناع مفضلة، وأنه في ما عدا إقدام إيران على عمل عدائي ضد الولايات المتحدة أو البلدان العربية أو إسرائيل، فإن استعمال القوة ضد طهران ستكون له نتائج عكسية تماماً. غير أن العقوبات يجب أن تكون مدعومة من قبل أوروبا والولايات المتحدة معاً؛ ذلك أنه إذا مرر الكونجرس الأميركي قوانين جديدة يعتبرها الأوروبيون ذات نتائج عكسية بالنسبة للمفاوضات الجارية، فإن جوهر نظام العقوبات يمكن أن ينهار ويُضعف القوة التفاوضية لمجموعة 5+1. إنه واحد من التحديات الصعبة التي يواجهها أوباما وهو يدخل العامين الأخيرين من رئاسته. لكن المثير للسخرية هو أنه بينما تصبح الولايات المتحدة منخرطة بشكل أكبر وأعمق في الحرب ضد «داعش» في سوريا والعراق، يصبح التعاون الفعلي مع إيران ضرورة حقيقية. وفي هذا الأثناء، يجادل منتقدو أوباما في الداخل بأن الطريقة الأفضل لمحاربة «داعش» والوقوف في وجه إيران تكمن في التركيز على استراتيجية جديدة لخلع بشار الأسد، وبالتالي إزالة الحليف الكبير لإيران و«حزب الله» على البحر الأبيض المتوسط. وهذا واحد من الأسئلة التي ستُطرح خلال جلسات الاستماع التي سيعقدها مجلس الشيوخ لتثبيت وزير دفاع جديد بعد أن أُعلن عن استقالة الوزير تشاك هاجل.