في التاسع من أغسطس الماضي، تعرض «مايكل براون» لرصاصة قاتلة أطلقها عليها ضابط الشرطة «دارن ويلسون» في مدينة «فيرجسون» بولاية ميسوري الأميركية. جثة الفتى الأعزل البالغ من العمر 18 عاماً ظلت ملقاة على الشارع لأكثر من أربع ساعات. ومنذ مساء ذاك السبت، نُظمت مظاهرات كثيرة احتجاجاً على الطريقة التي عومل بها «براون»، والطريقة التي يعامل بها الأميركيون الأفارقة بشكل عام في ضاحية «سنت لويس». وكانت أكثر تلك المظاهرات دراماتيكية - وتعبيراً - تلك التي اندلعت مساء الثالث عشر من أغسطس، حيث وجد المحتجون أنفسهم أمام قوة شرطية مدججة بالسلاح لم تتوان عن إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص المطاطي عليهم واعتقال الصحافيين. غير أنه وسط هذه الفوضى التي وقعت ليلاً، كان ثلاثة أشخاص غائبين عن المشهد: حاكم الولاية جاي نيكسون (ديمقراطي)، وعمدة مدينة فيرجسون جيمس نويلز الثالث، وقائد شرطة فيرجسون توماس جاكسون. وبينما كانت مدينتهم وولايتهم وشرطتهم تزدري حق المتظاهرين المكفول في التعديل الأول من الدستور في وقت كان فيه العالم كله يتابع ما يجري، كان هؤلاء المسؤولون مختفين عن الأنظار. ولعل غيابهم غير المبرر تلك الليلة، وغياب الزعامة الذي أبانوا عنه، والجهود الخرقاء التي تلت ذلك في محاولة لإظهار سيطرة مفقودة على الوضع... تفسر الهستيريا التي سبقت الإعلان يوم الاثنين على أن ويلسون لن توجه له تهمة قتل براون. والحقيقة أن رأيي في أفعال المسؤولين الثلاثة يتأثر بكل تأكيد بالـ16 عاماً التي عشتها في مدينة نيويورك. ذلك أنه متى وقع حدث كبير أو كان على وشك الوقوع في «المدينة التي لا تنام» أو في برج «امباير ستايت» (من عاصفة ثلجية إلى هجوم إرهابي)، فإنه من المؤكد أنك سترى العمدة والحاكم ومفوض الشرطة وكل مسؤول معني في المدينة والولاية واقفاً وراء الميكروفونات ليطمئن سكان نيويورك القلقين ويعطيهم بياناً حول أحدث المستجدات. ومن خلال كلماتهم وحضورهم، كانوا هؤلاء المسؤولون يعطون الانطباع على الأقل بأن شخصاً ما يشرف على الوضع، شخصاً ما مسؤول، شخصاً ما يتحدث باسمهم. أما نيكسون ونويلز وجاكسون، فقد فشلوا باستمرار في اختبار الزعامة البسيط هذا. وقد ساهمت التسريبات من وكالات محلية أخرى لإنفاذ القانون طوال مراحل التحقيق المختلفة في زيادة التوتر. خلال تقديمه قرار هيئة المحلفين والأدلة التي تدعمه، اعترف «روبرت ماكولوش» ممثل الادعاء العام في مقاطعة «سنت لويس» بأن قتل براون أعاد فتح جروح قديمة ودعا المحتجين إلى «مواصلة الاحتجاجات ومواصلة النقاشات» حتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى. كلمات مهدئة حقاً من مسؤول عام، ولكنها بالكاد تواسي فئة من الأميركيين كانت تتألم وتعاني قبل وقت طويل على قيام ويلسون بإطلاق النار على براون ذات يوم صيفي قائظ. جونثان كايبهارت محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»