تضع دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير القطاع الصحي ضمن أولوياتها التنموية، فهي تخصص أكثر من 3.9 مليار درهم من موازنتها الاتحادية للعام المالي المقبل 2015، لقطاع الصحة، بزيادة تقدر بنحو 18% مقارنة بالعام المالي الحالي؛ من أجل تطوير خدمات الرعاية الصحية، لكي تكون قادرة على توفير الخدمات الصحية كافة لجميع فئات السكان من مواطنين ومقيمين، عبر إنشاء المراكز الصحية المتقدمة، وإعداد الكفاءات المؤهلة وفق أحدث المعايير والمواصفات الصحية العالمية، بالتركيز على سد الثغرات التي يعانيها قطاع الخدمات الصحية، فيما يتعلق بنقص الكوادر الطبية المواطنة بشكل عام والكوادر التمريضية بشكل خاص. وتكشف الإحصاءات أن هناك ضرورة لزيادة عدد الكوادر البشرية المواطنة العاملة في مهنة التمريض، بما يتناسب مع أوجه التطور والنمو التي يشهدها القطاع، في ظل الزيادة السكانية السريعة، إلى جانب الخطط التنموية الطموحة التي تتبناها الدولة، إذ لا يتجاوز عدد الكوادر التمريضية المواطنة العاملة في القطاع 368 ممرضاً وممرضةً، وهم يشكلون، وفقاً لوزارة الصحة، نحو 9% فقط من إجمالي عدد الممرضين التابعين للوزارة والبالغ عددهم 4167 ممرضاً وممرضةً، في الوقت الذي تتعاظم فيه الحاجة إلى الممرضين، ووفقاً لإحصاءات «مدينة دبي الطبية»، هناك حاجة إلى زيادة عدد الكوادر التمريضية في الدولة إلى 25 ألف ممرض وممرضة بحلول عام 2025. يعود انخفاض عدد الكوادر البشرية الإماراتية العاملة في مهنة التمريض، وفق عاملين في القطاع الصحي، إلى عوامل عدة، أهمها: أولاً، الصورة النمطية السلبية لمهنة التمريض المترسخة في أذهان النسبة الأكبر من الكوادر البشرية المواطنة، وخاصة المنخرطين الجدد في أسواق العمل، الذين ينظرون بدونية إلى هذه المهنة من دون مراعاة دورها الإنساني وأهميتها الحيوية في المجتمع. ثانياً، يرى البعض أن هذه المهنة ذات طبيعة صعبة، تفرض على المنتمين إليها ساعات عمل طويلة والمبيت خارج المنزل في كثير من الأحيان، الأمر الذي لا يتوافق مع خصوصية المجتمع وعاداته الاجتماعية. ثالثاً، علاوة على ذلك، فإن هذه المهنة تعاني ضعفاً في الحوافز المادية وضعفاً في فرص الترقية الوظيفية، مقارنة بالعديد من المهن الأخرى. جدير بالذكر، أن العديد من المؤسسات المعنية بالقطاع الصحي في دولة الإمارات العربية المتحدة تبذل جهوداً حثيثة من أجل اجتذاب الشباب المواطنين للعمل في القطاع الصحي، كأطباء وممرضين وفنيين، وقد أنشأت الدولة العديد من كليات الطب والمعاهد التمريضية، وطرحت من خلالها برامج جامعية وبرامج للدراسات العليا؛ للارتقاء بالمستوى العلمي والخبرات المهنية والمهارات العملية للطلاب المواطنين المسجلين فيها، لكن ضعف مشاركة الكوادر البشرية المواطنة في شغل المهن الطبية، كما تشير الإحصاءات السابقة، يدل على أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود في هذا الإطار، وأن الأمر يستوجب وضع استراتيجية للنهوض بالقطاع، بما يتناسب مع أهداف رؤية الإمارات 2021، تقوم على تأسيس قطاع صحي مستدام، قوامه مؤسسات صحية متطورة، تعمل بشكل تنسيقي وتعاوني مع بعضها بعضاً، ومع غيرها من المؤسسات الأخرى في المجتمع، كالمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والتوعية، والتي يمكن أن يكون لها دور في زيادة الوعي الصحي في المجتمع، وتشجيع المواطنين على الانخراط في هذا المجال الحيوي. مع ضرورة أن يكون كل ذلك مبنياً بسواعد إماراتية، وأن تعمل فيه وتديره وتشغله كوادر طبية ومهنية مواطنة. ـ ـ ــ ـ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.