حمام الدم في الجانب الهندي من كشمير اتخذ عدة صور في السنوات الـ 25 الماضية. ولقي آلاف الأشخاص حتفهم منذ عام 1989 بسبب التصعيد بين الانفصاليين الكشميريين وقوات الأمن الهندية. وفي عام 2010 قتل سبعة جنود هنود ثلاثة كشميريين زاعمين أنهم متسللون باكستانيون اخترقوا «خط التحكم»، خط الحدود بحكم واقع الحال بين الهند وباكستان. وتسببت الحادثة التي وقعت في منطقة «ماتشيل» في احتجاجات حاشدة ونزيف دماء في وادي كشمير، الذي يوجد فيه بالفعل استياء هائل من الجيش الذي يعتبر شديد البطش. وتسببت أسابيع من الاحتجاجات العنيفة في مقتل أكثر من 100 شخص على يد القوات الهندية شبه العسكرية. وأجرى الجيش تحقيقاً انتهى بمحاكمات عسكرية للجنود السبعة، بينهم ضابطان كبيران، وبعد انتهاء المحاكمات العسكرية حكم الجيش على الجنود السبعة هذا الشهر بالسجن المؤبد، وتوصلت التحقيقات إلى أن الرجال الثلاثة غُرر بهم فيما يبدو بوعد الحصول على عمل. ووُعد الرجال الثلاثة بحصول كل واحد منهم على عشرة دولارات أميركية، وذهبوا دون أن يرتابوا في رجال الجيش لأنهم قاموا ببعض الأعمال للجيش من قبل، لكن بدلاً من المال، قتلوا رمياً بالرصاص على الحدود مع باكستان، وتم الزعم بأنهم متشددون باكستانيون تسللوا من الجانب الباكستاني لكشمير إلى الهند بغرض تنفيذ هجوم إرهابي. ووصف رئيس وزراء كشمير عمر عبد الله الحكم القضائي بأنه «لحظة فاصلة»، لكنه عبر أيضاً عن رأي شائع في كشمير عن الجيش في تغريدة على تويتر جاء فيها، «لم يصدق أحد في كشمير أن يتحقق العدل أبدا في مثل هذه القضايا»، ولطالما اتهم الكشميريون الجيش الهندي الذي يتمتع بسلطات خاصة في كشمير بعمليات القتل الاعتباطية دون محاسبة. والحكم لن يمحو سنوات من عدم الثقة والعنف، لكنه يمثل قطعاً خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح. وهناك قانون مثير للشقاق يعطي سلطات خاصة للجيش لفرض الأمن، ويطلق عليه «قانون السلطات الخاصة للقوات المسلحة»، ويطبق القانون في المناطق المضطربة في الهند ليساعد الجيش في التصدي للمتمردين عبر تحصين الجنود من المحاكمة، ويتمتع الجنود بسلطات واسعة بموجب القانون كي يعتقلوا أي شخص يشتبه في أنه متشدد، ويقومون بعمليات تفتيش دون تصريح. وظل قانون السلطات الخاصة لفترة طويلة مدعاة لانتقادات من جماعات حقوق الإنسان مفادها أن التشريع يحصن الجنود ضد اتهامهم بانتهاكات حقوق الإنسان، ولطالما طالب سياسيو كشمير بإلغاء القانون في المناطق المستقرة من كشمير. والمؤسسة السياسية في كشمير تسعى لإلغاء القانون، لكن الجيش يعارض مجادلاً بأن مثل هذا القرار يقلص سلطاته في التصدي للمتمردين والانفصاليين المدعومين من باكستان، الذين يتسللون عبر الحدود لتدبير هجمات، ما يزعزع الاستقرار في وضع حرج بالفعل في كشمير. ولا ريب في أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في هذا القانون المجحف، وهناك قطعاً حاجة لمناقشة جدوى استمرار هذا القانون، خاصة عندما يكون الهدف هو اندماج الكشميريين، وإزالة الشعور بالإهمال والاغتراب المنتشر بينهم، وهناك قصة أخرى تضرب المثل في انتهاكات الجيش الهندي، ومازالت تؤجج مشاعر الكشميريين. ففي عام 2000 قتل الجيش خمسة كشميريين بزعم أنهم مبشرون أجانب، وتوصلت وكالة التحقيقات الفيدرالية، التي كلفت بالنظر في القضية أن جنوداً وضباطاً نظموا مواجهة زائفة من خلال جمعهم مدنيين أبرياء وقتلوهم بدماء باردة، وحرقت جثث الكشميريين الخمسة حتى لا يمكن التعرف عليهم، وطلبت وكالة التحقيق من الجيش عرض الجنود المتورطين على القضاء أو على محكمة عسكرية، لكن الجيش رد على الوكالة بعد تأخر طويل مصراً على أن الأدلة المتوافر لا تقيم قضية ضد رجال الجيش الذين مازال طلقاء. المحاكمة العسكرية في قضية «ماتشيل» مرحب بها قطعاً، لكن يتعين بذل المزيد واتخاذ إجراءات ضد أي من أفراد الجيش ممن نفذوا عمليات قتل ضد أبرياء، لأن تصرفات ما قد يكون قلة تشوه صورة الجيش الهندي برمته. وصحيح أن الظروف التي يعمل فيها الجيش صعبة على امتداد خط التحكم مع باكستان لكن يتعين النظر إلى الصورة الأكبر، ولا يجوز السماح بانتهاكات حقوق الإنسان، وقتل الأبرياء للحصول على أنواط الشرف والشجاعة باسم الحفاظ على الأمن. وهذه الأعمال الإجرامية تعزز شعور الكشميريين بالاغتراب، ولا تساعد على اندماجهم في النسيج الهندي. مدير مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي