صرح مؤخراً راجيندرا باتشوري، الأكاديمي الهندي الذي يرأس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة أنه «لدينا الوسائل الضرورية للحد من التغير المناخي»، وأن «كل ما نحتاجه هو إرادة التغيير»، والحقيقة أن هذا التصريح لا يمكن أبداً التعامل معه على محمل الجد، ذلك أن "باتشوري" نفسه كان قبل خمس سنوات فقط يتحسر على أن العديد من مواطنيه الهنود يعيشون في ظلام دامس، قائلاً للصحفيين في 2009: «هل تتصورون أن 400 مليون إنسان في الهند لا يتوفرون على مصباح كهربائي واحد في بيوتهم»، مضيفاً «مع موارد الفحم الحجري الهائلة التي تمتلكها الهند لا نرى أي بديل آخر عدا استخدامه لإنارة البيوت»، وهنا بالذات تكمن المفارقة، ففيما حذرت الأمم المتحدة في تقريرها الأخير من مخاطر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تبقى قصة الطاقة الأهم حالياً هي تلك المرتبطة بالفحم الحجري المعروف بقدرته العالية على التلويث. وبرغم أن الفحم هو مصدر الطاقة الأول الموضوع في قفص الاتهام، إلا أنه مع ذلك يعد مصدر الطاقة الأسرع نمواً في العالم منذ 1973، وما يزال النمو السريع مستمراً من دون هوادة، ففي عام 2013 لوحده قفز الاستهلاك العالمي من الفحم بوتيرة تعادل مليوني برميل من النفط في اليوم الواحد، وهو نمو تصل نسبته إلى 50 في المئة مقارنة بالنفط، وبثلاث مرات مقارنة بنمو استهلاك الغاز الطبيعي، هذا فضلاً عن أن مولدات الطاقة التي تعتمد على الفحم تنتج ما يقارب 40 في المئة من الكهرباء في العالم، وفيما تعمل الدول الغنية على دعم وتمويل برامج إنتاج الكهرباء المستندة إلى طاقة الشمس والرياح، تواصل البلدان الأخرى في عموم آسيا توسيع قدراتها على توليد الكهرباء بالاعتماد على الفحم، فالهند وحدها تخطط لإضافة 90 ألف ميجاوات من الكهرباء المعتمدة على الفحم، ويبدو أن استخدام الفحم سيتزايد بوتيرة عالية إلى درجة أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يتجاوز استعماله خلال السنوات الأربع المقبلة استخدام النفط. تصريحات المسؤولين الأمميين وغيرهم حول ضرورة التحلي بالإرادة القوية لمكافحة ظاهرة التغير المناخي لا تعبر عن حقيقة الاستخدام المتزايد للفحم، ما يجعل من تلك التصريحات مجرد مقولات جوفاء تطلق في المناسبات العامة. ------ روبرت بريس، باحث بمعهد مانهاتن وكاتب متخصص في شؤون الطاقة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشونال»