يبدو أن الرئيس الأفغاني أشرف غني، المنتخب حديثاً، يتأهب لبداية جيدة مع الشعب الأفغاني، فقد أعلن سلسلة من المبادرات الجديدة وتبنى نموذج حكم تفاعلي نشط، بما في ذلك زيارات مفاجئة للنقاط العسكرية، ومراكز الشرطة والمستشفيات. وكشف استطلاع حديث للرأي أن ثمانية من بين كل عشرة أفغان يؤيدون أداء غني أثناء شهره الأول في السلطة، لكن عمل غني وشريكه الرئيس التنفيذي في حكومة الوحدة الجديدة، عبدالله عبدالله، سيبقى الركيزة الأساسية لهما للحصول على معدلات تأييد مرتفعة في ضوء حدة المشكلات التي تواجه الشعب الأفغاني، والتي حددها مسح أجرته «مؤسسة آسيا» في كابول تم الكشف عن نتائجه أمس، وأجري المسح عقب جولة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو الماضي وقبل تولي حكومة الوحدة الجديدة السلطة في التاسع والعشرين من سبتمبر. ويأتي في مقدمة مخاوف الأفغان أمنهم الشخصي، وهو أمر غير مفاجئ في خضم انسحاب غالبية القوات الغربية وتصاعد هجمات «طالبان»، وقد أفاد 65 في المئة ممن شملهم استطلاع الرأي بأنهم يخافون على سلامتهم وسلامة ذويهم، وهي قفزة كبيرة إذا ما قورنت بنسبة 59 في المئة خلال العام الماضي، لكن المشجع هو زيادة مستوى الثقة في قوات الأمن الأفغانية، إذ أعرب 86 في المئة عن ثقتهم في الجيش، ورغم ذلك يعتقد أكثر من نصف الشعب الأفغاني (56 في المئة) أن قوات الأمن في بلادهم ستظل بحاجة إلى دعم أجنبي. وكان أول الإجراءات التي اتخذها غني في السلطة توقيع اتفاقية أمنية ثنائية طويلة الأجل مع كل من الولايات المتحدة وحلف «الناتو»، وهي خطوة حظيت بتأييد شعبي. واعتبر نحو ثلاثة أرباع الأفغان (73 في المئة) أن المصالحة مع حركة «طالبان» والمنظمات المسلحة الأخرى، مثل شبكة «حقاني» و«الحزب الإسلامي»، قد تساعد على إرساء دعائم الاستقرار. وزار غني السعودية والصين وباكستان، سعياً لنيل دعم لجهوده الرامية إلى إنهاء الصراع، ورغم صعوبة حدوث ذلك، فإن رغبة الرئيس غني في أن يشمل الحوار الأفغاني الداخلي حركة «طالبان» يريح كثيراً من أبناء شعبه الذين يخشون الحرب. وثاني أكبر المخاوف لدى الأفغان، حسبما كشف المسح، هو الفساد، لاسيما الرشاوى المطلوبة في التعامل مع القضاء وسلطات البلديات والمقاطعات، وقد زاد الشعور بأن الفساد بات مشكلة يومية من 56 في المئة عام 2013 إلى 62 في المئة خلال العام الجاري. وأقر غني بأن الفساد له تأثير مدمر على ثقة الشعب في المؤسسات الحكومية، ولذلك جعل من محاربته أولوية لحكومته. وقد أثمرت جهوده الخاصة بإعادة فتح قضية الفساد الشهيرة في بنك كابول عن نتائج جيدة، إذ حكم على رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابقين في البنك بالسجن خمسة عشر عاماً لتورطهما في فضيحة اختلاس 900 مليون دولار. وأعلنت كابول قبل أكثر من أسبوع إنشاء مكتب مركزي جديد للمساعدة على مكافحة الفساد، على أن تمر كافة المشاريع الكبرى عبر مكتب الرئيس لمراجعتها. وتأتي البطالة في الترتيب الثالث بين مخاوف الشعب الأفغاني، وفي حين احتلت مخاوف ربع الأفغان الذين استُطلعت آراؤهم عام 2009، فإن ثلث الشعب يخشى البطالة حالياً، وتقول النساء إن افتقارهن لفرص العمل يعتبر من أكبر المشكلات التي يواجهنها. وقد رحبت وزارة شؤون المرأة ببرنامج جديد قيمته 216 مليون دولار، تموله وكالة الإغاثة الأميركية، يهدف للمساعدة على تدريب النساء في مجالات الإدارة والحوكمة والقيادة. وتضيف تشكيلة المخاوف الأفغانية، التي تشمل غياب الأمن والفساد والبطالة، إلى التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة الجديدة، غير أن إحدى نتائج المسح خلال العام الجاري تبدو مشجعة، فرغم كافة الصعوبات والمشكلات التي تواجه قادة البلاد الجدد، يرى 55 في المئة من الأفغان أن دولتهم تسير في الاتجاه الصحيح، ولن يتخلى الأفغان عن دولتهم، وهكذا ينبغي على المجتمع الدولي. ------- ثيودور إليوت، السفير الأميركي لدى أفغانستان من 1973 إلى 1978 كارل إندرفورث، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون جنوب آسيا من 1997 إلى 2001 ------ يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»