عندما كنت في مستهل عملي كاتبة للتقارير الاقتصادية، كنتم تسمعون الكثير حول العقد المفقود في اليابان، وخلال الفترة من الحرب العالمية الثانية إلى نحو 1990، سجلت اليابان التحول الاقتصادي الأكثر إعجازاً في القرن العشرين. وكتبت الكثير من المقالات والروايات بواسطة أميركيين قلقين يرون أن المحرك الاقتصادي القوي لليابان سينتصر عما قريب على الأميركيين الكسالى، ثم تحطم مؤشر «نيكي» وتوقف المحرك الجبار، وثبت أنه من الصعب إصلاحه. وتناوبت اليابان ما بين الركود والكساد ليمتد «العقد المفقود» خلال عشرين سنة الماضية، وهو الآن يقترب من ربع قرن. ولمرات عديدة خلال هذا العقد الأطول، غيرت اليابان سياستها، وأعلن المحللون أن اليابان أصبحت أخيراً تفكر بجدية في سياسة اقتصادية جيدة، وتعد «أبينوميكس» (السياسات الاقتصادية التي يؤيدها رئيس الوزراء «شينزو آبي») هي أحدث هذه الإصلاحات. وقد صممت سياسة «آبي» الاقتصادية، وهي تتمثل في «الأسهم الثلاثة» للتحفيز المالي والتيسير النقدي والإصلاح الهيكلي، للقضاء على ثلاث مشاكلات كبرى، عدم كفاية الطلب على السلع الاستهلاكية، معضلة الانكماش، وضعف القطاع المحلي. وكان رد فعل خبراء الاقتصاد حماسياً، فقد بدا الناتج المحلي الإجمالي حيوياً، والآن، بدأ الاعتراف بالخطأ، حيث سجلت اليابان لتوها نمواً سلبياً للربع الثاني على التوالي. وأشار المعلقون يوم الاثنين إلى قرار اليابان برفع ضريبة الاستهلاك، والتي تبدو وكأنها ثبطت حماس المستهلك، ومما لا شك فيه أن هذا لم يساعد، وكأن لسان حال الخبراء يقول: رغم الحزمة الجيدة حقاً من الإصلاحات، فإن اقتصاد اليابان لا يزال هشاً لدرجة أن 3 بالمئة زيادة في ضريبة المبيعات كافية لدفعها مجدداً إلى الركود. لقد كانت ضريبة المبيعات محاولة متواضعة لتقليص العجز الكبير في موازنة اليابان، والذي هو بدوره محاولة لحث الاقتصاد على النمو، وكانت هذه الأنواع من العجز مستمرة بمعدل 8 –9% منذ 2008. صحيح أن اليابان حققت مستويات شبه أسطورية من الدين الحكومي دون الإشارة لوجود أزمة مالية، لكن لا يمكن الاستمرار في اقتراض 8% من الناتج المحلي الإجمالي إلى الأبد. وإذا كان الاقتصاد لا يمكنه أن يحيا على برنامج مالي أكثر تواضعاً، فإن «أبينوميكس» هو مجرد تأخير لما لا مفر منه، وهذا يوحي لي بأنه قد تكون هناك حدود لما يمكن أن تحققه سياسة اقتصادية جيدة، وهذا ليس بالأمر الجيد لكاتب اقتصادي، إذ لن يجد ما يشير إليه أسبوعاً تلو الآخر. ويمكن الكتابة عن المشاكل الاقتصادية لليابان، خاصة تحولها الديموغرافي الطويل، والذي قد لا يكون قابلاً للتصويب. لقد أصبحت صادرات اليابان تتمتع بتنافسية أكثر من السابق، وإن سياسة نقدية أفضل لن تغير هذه الحقائق، تلك المشكلة ليست مقتصرة على اليابان، فالعالم كله يمر بهذا التحول الديموغرافي. كما أن الإنتاجية في أغنى الدول أصبحت تنمو ببطء أكثر مما كانت عليه خلال العقود التالية للحرب العالمية الثانية، ما يعني أن العالم ككل لم يعد يبتكر بالسرعة التي اعتاد عليها. ومرة أخرى، فإن التحفيز المالي لن يصلح ذلك، إن السياسة المالية والنقدية يمكنها التخفيف من التقلبات المؤقتة في الإنتاج، وليس تحسين القدرة الاقتصادية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»