كشف تقرير صحيفة «الواشنطن بوست» الذي أوردته الأسبوع الماضي بعنوان «الإمارات العربية حليف قوي للولايات المتحدة»، عن دور دولة الإمارات في التحالف العسكري لمكافحة الإرهاب، والذي استهدف القضاء على التنظيم الإرهابي المتأسلم «داعش»، وكشف التقرير عن القدرة العسكرية الفائقة التي تتميز بها الإمارات بين دول التحالف من ناحيتي العتاد الجوي والجاهزية العالية والمهارات الفائقة التي يتحلّى بها الطيارون الإماراتيون الذين أثبتوا كفاءتهم وشجاعتهم في المواجهة. ورغم أن التحالف ضمّ دولاً كبرى كأميركا وفرنسا وغيرها، فإن القوة الإماراتية امتلكت موقعها المميز بين هذه القوى، وتولت مهام نجحت فيها جميعاً وأصبحت ركناً مهماً في التحالف. بناء القوات الجوية الذي أشرف عليه منذ البداية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جعل من الإمارات أقوى وأفضل دول المنطقة في القدرات العسكرية، خاصة الجوية منها، فمقاتلات «أف 16» التابعة للقوة الجوية الإماراتية، نفذت منذ بداية الحرب على الإرهاب عدداً من العمليات ضد «داعش» يفوق ما نفذته أية دولة أخرى عضو في التحالف، باستثناء الولايات المتحدة الأميركية. والأهداف التي تكلفت بضربها لا تقل صعوبة وخطورة عن تلك التي يهاجمها الأميركيون، خاصة أن طياري الإمارات، كما يعترف التقرير، كانوا لا يرتضون بالعمليات الهامشية، لأن المعركة بالنسبة لهم معركة حقيقية تهدف للقضاء التام على الإرهاب. العلاقات المتميزة للإمارات مع مختلف الدول مكّنتها من الحصول على أفضل أنواع الأسلحة، مما ساعدها على أن تصبح قوة عسكرية لا تقل شأناً عن قوتها الاقتصادية التي عرفها العالم أجمع. ويفسر التقرير ذلك بالقراءة الصحيحة للمستقبل، مستشهداً بما قاله «أنتوني زيني»، القائد السابق لعموم القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط: «لقد كانت مساهمة الإمارات العربية كاملة، فبعد تداعي علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها القدامى، باتت الإمارات العربية الآن تحتل منزلة فريدة في المنطقة. إنها أقوى علاقة للولايات المتحدة اليوم في العالم العربي». وقد حرصت الإمارات دائماً على صداقاتها وعلاقاتها، مما جعلها طرفاً موثوقاً به من الجميع. وبمجرد التوقيع على وثيقة الاتحاد عام 1971، أدرك المؤسسون أن بناء الجيش أولوية لابدّ منها لقيام أركان الدولة، ونزلت فلسفة بناء الإنسان التي اتخذتها الإمارات شعاراً في كل المفاصل، برداً وسلاماً على الجيش الإماراتي الذي اهتم بإعداد كوادره ليصبح قوة قادرة على الدفاع عن الوطن بكل كفاءة واقتدار، وعلى مواجهة الإرهاب. فقد شاركت القوات المسلحة الإماراتية في مختلف التحالفات الدولية، بدءاً بكوسوفو، وانتهاءً بالعمليات الحالية ضد «داعش»، وكسبت خبرات كبيرة وأثبتت كفاءتها. وقد أورد تقرير «الواشنطن بوست» أن الجنرال «جون آلن»، القائد الأميركي الأسبق بأفغانستان والمتقاعد حالياً، لم يكن يسمح بإسناد العمليات النوعية الصعبة لغير الإماراتيين والأستراليين من خارج دول حلف «الناتو»، لأن الطيارين الإماراتيين كانوا «ممتازين للغاية». ويقول عنهم الجنرال المتقاعد «جيمس ماتيس»، الذي كان يدير شؤون القيادة المركزية الأميركية بين 2010 و2013: «إنهم مقاتلون رائعون، لذلك يحظون بالاحترام والإعجاب من قبل العسكريين الأميركيين». فصقور جو الإمارات أصبحوا رقماً هاماً في التصنيف العسكري عالمياً، ما يطمئن الإمارات دائماً على نهضتها الميمونة. لكن كان على الصحيفة الأميركية أن تؤكد أن استراتيجية دولة الإمارات بشأن مكافحة الإرهاب مسألة مصيرية تتصل بقناعات ثقافية ووطنية إماراتية، لأن الإرهاب الذي يعمل على تشويه سماحة الإسلام يتعارض مع أصالة وتسامح الشعب الإماراتي الذي يرتبط بالتدين دون أن يجعله عائقاً أمام اندماجه بالحضارة الإنسانية والإسهام في خير البشرية والسلام العالمي، وبالتالي فاشتراك القوات الجوية الإماراتية في ضرب بؤر الإرهاب ليس مجرد اشتراك شكلي، بل مهمة ذات منبع إماراتي. وليس علينا في الإمارات إلا أن نفخر بقواتنا المسلحة التي اختبر العالم في ظروف عديدة صلابتها وكفاءتها العالية، ونحيي صقور الجو الإماراتيين الذين رفعوا رؤوسنا وأثبتوا أن النهضة الشاملة في بلدنا يصاحبها بناء جيش إماراتي قوي استطاع انتزاع إعجاب واحترام أقوى جيوش العالم وأكثرها خبرة، بدليل شهادات عدد من القادة العسكريين الأميركيين.