صادف يوم 9 نوفمبر الجاري الذكرى الخامسة والعشرين لسقوط حائط برلين، وهو الحاجز المنيع الذي عزل تماماً برلين الغربية عن جزئها الشرقي منذ عام 1961 وحتى عام 1989، وأصبح الرمز المجسِّد للتوتر الذي رافق الحرب الباردة بأوضح مراحله. واحتفل العالم والمجتمع الألماني بهذه المناسبة وتشاركوا ذكريات الماضي الأليم. وفي ألمانيا، أعاد الفنانون التشكيليون تصميم الحائط على شكل «بالونات» ضخمة حلقت على طول الخط الذي كان يشغله قبل تحطيمه. وامتد ما يقرب من 8000 بالون لمسافة تزيد على 15 كيلومتراً فوق المدينة. وبهذه المناسبة التي أحيت ذكرى الحرب الباردة في أذهان الناس، يهمنا أن نذكر حقائق يمكن أن تكون جديدة بالنسبة للكثير من القراء. ومن ذلك أن تحطيم الحائط نتج عن خطأ ارتكبه سياسي من ألمانيا الشرقية أدى إلى تدفق سيل من الألمان الشرقيين والغربيين نحوه لتحطيمه. حدث ذلك عندما أعلن «جونتير شابوفسكي»، في 9 نوفمبر 1989، وعن طريق الخطأ، بأنه من المسموح للألمان الشرقيين العبور إلى ألمانيا الغربية في الحال. وكان من المفترض بدلاً من ذلك أن يذكّر الألمان الشرقيين بأنه «من غير المسموح لهم العبور إلى ألمانيا الغربية». والحقيقة الثانية التي يجهلها معظم الناس هي أن حائط برلين هو حائطين أسمنتيين تفصل بينهما مسافة 146 متراً تدعى «قطاع الموت»، وتنتشر فيها أبراج الحراسة والمتاريس والخنادق والكلاب والكشافات الضوئية وبطاريات المدافع الرشاشة. وقبل بناء الحائط عام 1961، شهدت المنطقة الفاصلة بين شطري برلين هجرة جماعية ضخمة للألمان الشرقيين إلى ألمانيا الغربية بدأت قبل 15 عاماً من إنشائه، أي بعد عام واحد من نهاية الحرب العالمية الثانية وتقسيم ألمانيا. وعندما اكتمل تحطيم الجدار، استمر تدفق المهاجرين حتى فقدت ألمانيا الشرقية سدس عدد سكانها. وآثر العديد من رؤساء الولايات المتحدة زيارة الحائط. وكان أولهم جون كنيدي الذي زاره عام 1963 قبل وقت قصير من اغتياله في شهر نوفمبر من ذلك العام. وقال في تلك المناسبة إن برلين أصبحت تقدم صورة حيّة للعالم يمكنهم أن يفهموا منها الانقسام الحاصل بين العالم الشيوعي وغير الشيوعي. وفي عام 1987 قام رونالد ريجان بزيارة للحائط وخاطب نظيره السوفييتي ميخائيل جورباتشوف، قائلاً : «يا سيد جورباتشوف.. حطم هذا الحائط». وفي عام 1994، زاره بيل كلينتون وخاطب جماهير غربية قائلاً : «لقد أكدتم للعالم بأنه ما من حائط يمكنه أن يقهر القوة الخارقة للحرية». وعندما زاره أوباما عام 2013، قال لحشد من الألمان المتجمعين: «إن الواقع الجديد الذي جعلنا قادرين على الوقوف هنا اليوم على طول هذا الصدع الذي كان يقسم المدينة، يحكي قصة أبدية مفادها أنه ما من أحد على الإطلاق يمكنه أن يتحدى العدالة، ولا أن يتحدى الحرية والسعي إلى السلام». ومن الحقائق التي يجهلها الكثيرون أن إعادة الوحدة بين شطري ألمانيا لم تتم إلا في 3 أكتوبر 1990، أي بعد ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط الحائط. --------- ميلاني إفيرسلي محللة سياسية أميركية -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» ----------------------------