هل هناك حقاً معاداة للإسلام، على مستوى الأفراد والجموع من أهل الشرق والغرب؟ قبل محاولة الإجابة، لنستدعي إلى أذهاننا اللاعب «ميسي»، ثم زعيمة المعارضة البورمية «أون سان سو تشي»، ثم العبقري «آينشتاين»، ولنتوقف عند الأديب الياباني «هاروكي موراكامي». وبصراحة، هل خطرت ببالكم الأديان التي ينتمي إليها -ولو اسمياً- هؤلاء المشاهير؟! أعتقد لا، وأعتقد أيضاً أن الإسلام لا يخطر ببال الآخر عند ذكر فاروق الباز، أو مسعود أوزيل، أو عمرو واكد. لا نذكر المشاهير والشخصيات العامة، والأفراد العاديين، عند الكلام عن الأديان، إلا إذا ارتبط جانب معلن من حياة تلك الشخصية بتعاليم دينه، فيمكن مثلا تذكر غاندي عند ذكر الهندوسية. وترتبط الأديان في الأذهان بالشخصيات التي تتحدث باسمها، وبالجماعات التي ترفع شعاراتها، وبالمجتمعات التي تمثّلها. أما الكتب التي تتجسّد فيها تعاليم الأديان، فباستثناء أهل الاختصاص في علم المقارنة بينها، وقلة قليلة مهتمة، فلا أحد يعود إليها.. فمن قرأ مثلا كتب الهندوس، أو حتى الإنجيل؛ الكتاب الذي نسمع عنه دائماً؟ وعليه، يمكن القول إن الآخر لا يفهم الإسلام من خلال نصوصه المقدسة، وإنما يسمع فتوى عجيبة يصدرها شيخ دين يرتبط اسمه باسم طويل لمنظمة إسلامية، ولو كانت منظمة لا تأثير لها، ويرى جماعات إجرامية تهتف «الله أكبر»، ولو كانت هذه الجماعات منبوذة في بلاد المسلمين، ويشاهد على التلفزيون مجتمعات إسلامية لا تسرّ الناظرين، ولو كانت هناك مجتمعات إسلامية أخرى تعيش في سلام، ثم يهزّ رأسه ويقول: هذا هو الإسلام إذن! كما أننا لا نلتفت إلى الأمور حين تجري بشكل اعتيادي، فلا أحد يقف ليشاهد حركة السيارات وهي تسير بطريقة انسيابية، لكننا نقف عند وقوع حادث، ونبدأ في حمل هواتفنا كلما كانت الكارثة أكبر. وللأسف، في بعض بلاد المسلمين يمكن التقاط الصور كل يوم. كما أن الأقليات المسلمة في مختلف مناطق العالم لا تساهم كثيراً في خلق الصورة الذهنية عن الإسلام، فما يحدث في بلاد المسلمين هو الذي يعبّر عن الإسلام في نظر الآخر، بينما الأقليات تبقى محكومة بقوانين ونظم تلك البلاد، وبمعنى آخر، يعتقد الآخر أن الأقلية التي يعيش معها لا تمارس إسلامها كما تريد. والذي أرغب في توضيحه أن المسلم حين يعتقد أن الآخر يعادي الإسلام من حيث أنه دين الله القويم، يشعر بأنه لا فائدة من الحوار معه، إذ سيظل الآخر معادياً له، من حيث عداوته لدينه الذي لن يتخلى عنه لأجل عيون هذا الآخر. لكن حين يعتقد أن الآخر يعادي ما يظنه إسلاماً، فقد يدفعه هذا إلى التصدي للعابثين بدينه، ويرفع صوته ضد المتطرفين من جماعته، ويسعى لإصلاح مجتمعه الذي يعطي صورة بائسة عن دينه، والأهم من هذا أنه لن ينظر للآخر باعتباره عدواً، لا حوار معه إلا بالسيف.