«من الصعب أن يكون هناك شخص أكفأ من لوريتا لتسلم هذا المنصب». هذه العبارة للرئيس الأميركي أوباما، وقد قالها حول وزيرة العدل الجديدة، حيث أضاف خلال حفل أقيم في البيت الأبيض، أول أمس السبت، للإعلان عن تعيين لوريتا لينش، إن الوزيرة الجديدة المعينة «تسلمت خلال مسيرتها كمحامية مستقلة طيلة ثلاثين سنة مرتين أحد أهم مراكز النائب العام في الولايات المتحدة، وهو النائب العام في نيويورك (...) وكافحت بشراسة ضد الإرهاب والاختلاس المالي وجرائم الإنترنت، مع الدفاع في الوقت نفسه وبشدة عن الحقوق المدنية». وجرى الحفل بحضور كل من لينش وسلفها إريك هولدر الذي كان أوباما قد عينه في هذا المنصب عام 2008 وأصبح أول رجل أسود يتولى حقيبة العدل قبل استقالته منها نهاية سبتمبر الماضي. أما لينش فأصبحت ثاني امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة، بعد جنيتا رينو التي شغلته في الفترة بين عامي 1993 و2001، لكنها أول امرأة سوداء تشغله. فمن هي وزيرة العدل الأميركية الجديدة المعينة؟ «لوريتا اليزابيث لينش» محامية وقاضية أميركية، يصفها الكثيرون بالعصامية والذكاء والصرامة، وقد ولدت عام 1959 في جرينسبورو بولاية كارولاينا الشمالية (جنوب شرق الولايات المتحدة) لأم كانت تعمل أمينة مكتبة وأب كان قساً معمدانياً. وحين كانت طفلة كان والدها يصطحبها معه إلى قاعة محكمة دورام (في كارولاينا الشمالية) لمتابعة المحاكمات، كما أُعجبت بقصص جدها القس الذي كان يساعد الناس في ثلاثينيات القرن التاسع عشر على الهرب إلى الشمال، فراراً من القمع الذي كرسته قوانين «جيم كروو» التمييزية ضد السود. وحصلت لينش على شهادة الليسانس في الأدب الإنجليزي من جامعة هارفارد العريقة عام 1981، ثم على شهادة الدكتوراه في الحقوق من الجامعة ذاتها عام 1984، وانضمت في العام التالي إلى مكتب للمحاماة في نيويورك، ثم عينت في عام 1990 مدعياً عاماً مكلفاً بالمخدرات والجريمة في المنطقة الشرقية لنيويورك، وكانت الممثل الرئيسي للنيابة في قضايا الفساد المنظورة في دائرة بروكهافن بولاية نيويورك. وبين عامي 1994 و1998 ترأست مكتب الادعاء العام في «لونج آيلاند» بالولاية، وشاركت في متابعة قضايا فساد سياسي وجهت التهم فيها لجهات حكومية. وخلال الفترة بين 1998 و1999، كانت نائب المدعي العام الفدرالي لمقاطعة شرق نيويورك، وكانت تترأس مكتب الادعاء العام في بروكلين. وفي عام 1999 رشحها الرئيس بيل كلينتون لمنصب المدعي العام الفدرالي لمقاطعة شرق نيويورك، وتم إقرار تعيينها في المنصب، وكان نطاق عملها يشمل القضايا الجنائية في مناطق بروكلين وستيتن آيلاند وكوينز ولونج آيلاند. وبعد انتهاء ولايتها في المنصب عام 2001 عادت لينش إلى مجال المحاماة، وأصبحت شريكاً في مكتب «هوجان وهارتسون» للخدمات القانونية بنيويورك. كما عملت بين عامي 2002 و2007 مستشارةً للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا. لكن في 20 يناير 2010، رشحها الرئيس أوباما للعمل مجدداً كمدعي عام فدرالي لمقاطعة شرق نيويورك، وتم إقرار تعيينها من قبل مجلس الشيوخ. وخلال ولايتها الأولى كمدعي عام لشرق نيويورك (1999- 2001)، أشرفت لينش على محاكمة ضباط شرطة نيويورك في قضية «ابنير لويما»، وهو مهاجر هايتي تعرض لسوء المعاملة على أيدي الشرطة عقب توقيفه أمام أحد الملاهي الليلية في المدينة عام 1996. وتولت خلال ولايتها الثانية على رأس المنصب قضية «أريك جارنر» الذي توفي في يوليو 2014 بأزمة قلبية، إثر مشاركته في شجار، وذلك لدى احتجازه من قبل الشرطة، حيث وافقت على الملاحقة القضائية للضابط الذي يعتقد أنه مسؤول عن وفاة جارنر. كما قادت مؤخراً الفريق الذي لاحق النائب الجمهوري مايكل جريم بشبهة الاحتيال الضريبي. وشاركت في مقاضاة بنك «سيتي جروب» حول سندات الرهن العقاري التي بيعت من قبله، مما أسفر عن موافقة البنك على تسوية بقيمة سبعة مليارات دولار. كما شاركت في تسوية أخرى بقيمة 1.2 مليار دولار مع بنك HSBC تتعلق بانتهاكه قانون السرية المصرفية. وفي شهادة من أحد زملاء لينش، كتب المدعي الفدرالي العام السابق للمنطقة الشرقية «ألان فينيجارد» مقالا خلال الصيف الماضي قال فيه إنها «شخصية كتومة ومتزنة وذكية.. لكنها قد تكون قاسية جداً إذا تطلب الأمر، خصوصاً في قاعة المحكمة». أما هي فكتبت بإحدى مذكراتها المهنية عام 2007 حول «أهمية سلطة القانون في حياتنا»: «كم من المهم أن يدرس مَن يمارسون هذه المهنةَ كلَّ وضع بموضوعية وعدل». وقالت في كلمتها رداً على أوباما خلال حفل البيت الأبيض السبت الماضي: «إن وزارة العدل هي الوزارة الوحيدة التي تحمل اسم مثل أعلى»، معلنةً أنها «سعيدة جداً بقيادة مجموعة من الأشخاص الرائعين يعملون يومياً على تجسيد هذا المثل الأعلى وتحويله إلى حقيقة». لكن قبل ذلك يتعين أن يوافق مجلس الشيوخ على قرار تعيين لينش وزيرةً للعدل، وهو المجلس الذي باتت الأغلبية فيه للجمهوريين، والذين قد لا يؤثر في مواقفهم ذلك الثناء الذي أغدقه أوباما على السجل المهني والتاريخ الوظيفي للمحامية السمراء لوريتا لينش! محمد ولد المنى