تأتي الذكرى العاشرة لتولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد مقاليد الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة، مناسبة لتأمل هذا العقد من الزمان الذي نشعر أنه مر سريعاً بارقاً كما تمر غيمة عطر تمطر خيراً عميماً فتزهر الأرض وتخصب ويصير جناها داني القطوف. وقد أتيح لي بحمد الله أن أكون أحد شهود هذا العصر المتميز بالصدق والعطاء والعمل الدؤوب لمتابعة مسيرة الخير والبناء والنماء التي خط طريقها المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، وهو القائد الغائب، لكنه الحاضر أبداً في وجدان العرب جميعاً، بل في وجدان البشرية التي حفظت مكرماته وأكبرت إنجازاته وشهدت ولادة حلمه ببناء دولة الإمارات وإقامة صرح وحدتها التي منّ الله عليها بالنجاح في حين أخفقت كل المشاريع الوحدوية الأخرى، وذاك بفضل الإخلاص والوفاء بالوعد الحق، وبناء إنسان قوي قادر على تحمل مسؤولية مواكبة العصر، بل مسابقته واجتياز مراحله بفيض من الجهد. وقد أخلص قادة الإمارات وشيوخها لشعبهم فأخلص لهم، ومنحوه الحب فزاد عطاؤه والتفافه حول قياداته وحول مفهوم الوطن والمواطنة التي ضمنت لكل ذي حق حقه، ومدت ذراعيها لتشمل بالخير ذاته كل من أسهم في مسيرة البناء من الوافدين العاملين بدأب وإخلاص، وكانت يد زايد الخير تطوق جيد الإنسانية كلها بالعطاء والنجدة والإغاثة والمعونة حتى صارت ذكراه يوماً للعطاء الإنساني. وقد حرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، حفظه الله، على الوفاء للمبادئ الكبرى التي رسختها مسيرة الشيخ زايد، رحمه الله، فتابع بنجاح باهر مسيرة التنمية، وأفادت الدولة في عهده من تصاعد النجاح، فتدفق الخير في عهده الميمون، وكبر دور الإمارات بوصفها رائدة عالمية في التنمية، وفي تحقيق سبق نحو مستقبل أبعد مما يخطط له الآخرون، بفضل التوظيف المبدع للطاقات والإمكانات التي توافرت لكونها قيماً مضافة يحققها النجاح الاقتصادي المتنامي. وقد حمته القوانين المستجدة الملبية للاحتياجات التي يفرضها العمل، فصارت دولة الإمارات قبلة المستثمرين في العالم، وصلة الوصل بين القارات، وموئل المبدعين، وملاذ الباحثين عن الاستقرار، وقد تمكنت من توطين التكنولوجيا في كثير من مراحل النمو الصناعي التي حرصت على أن يواكب خطط التنمية في ميادين البناء والإعمار، كما حرصت على التقدم في خطط الزراعة توفيراً لاكتفاء ذاتي مستقبلي في الغذاء. وكان اهتمامها بالطاقة يحظى بالأولوية مع تصاعد اهتمامها بالصناعات التحويلية والكيماوية. ويواكب ذلك كله تطور مهم في ميادين التعليم، فانتشرت الجامعات الحكومية والخاصة، ودخلت فيها تقانات مستجدة في التعليم في كل مراحله، كذلك كان الأمر في ميدان الصحة، حيث أصبحت الإمارات مركزاً طبياً عالمياً يضم أشهر الخبرات الدولية في عالم الطب، وكان الضمان الصحي الاجتماعي قد شمل القوى العاملة، ووفر الطمأنينة للمواطنين وللوافدين والمقيمين، وكانت خطط التنمية المستدامة تمضي على نسق متزامن يواكب بعضها بعضاً، وكان قائد هذه المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة، حفظه الله، يعمل دون ضجيج، ويحصد الشعب الثمار اليانعة الطيبة، وكانت حكومة الإمارات تقدم النموذج الأرقى في جهدها التنفيذي، كما كان المجلس التشريعي يؤسس لتجربة ديمقراطية تحفظ الخصوصية الثقافية للدولة وشعبها، وتنمو وفق خطة هادئة تمكن الشعب من المشاركة الفاعلة في شؤون حياته، وكان حضور المرأة الإماراتية في كل مجالات الحياة والعمل يقدم للدول النامية بل للدول الكبرى نموذجاً حياً للإفادة القصوى من الموارد البشرية، ومن كل ثروات الوطن. هنيئاً لشعب الإمارات بما حقق من إنجازات شاملة مع قيادته التاريخية المثلى، هنيئاً لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ما تحقق في عهده الميمون من نجاح وأمن وطمأنينة وتقدم غير مسبوق لشعبه، ومن يد بيضاء تمتد بالخير لتعم الإنسانية غوثاً نبيلاً، يحقق مفاهيم الإخاء الإنساني. ـ ـ د. رياض نعسان آغا وزير الثقافة السوري السابق