عندما بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية، في سبتمبر 2008، والتي اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير عام 1929، بدءاً بالولايات المتحدة الأميركية، لتشمل بعد ذلك دول العالم أجمع، أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة قدرة اقتصادها على احتواء تداعيات الأزمة المختلفة رغم انعكاساتها السلبية الكبيرة. لقد كان للإجراءات والخطوات التي قام بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، للخروج من الأزمة والتخلص من تأثيراتها، مساهمة كبيرة في استعادة الاقتصاد الإماراتي عافيته سريعاً، وذلك عبر التعامل مع الأزمة كجسد واحد متكامل للاتحاد، والذي يمكن لمسه سواء في أوقات الرخاء أو الأزمات. ولعل أبرز مبادرات الشيخ خليفة لاحتواء آثار الأزمة العالمية، كانت في وقوف أبوظبي إلى جانب دبي التي تضرر قطاعاها العقاري والمالي بشكل كبير نتيجة هبوط أسعار الوحدات العقارية ومراكمة الديون على واحدة من أكبر الشركات التابعة لإمارة دبي، وهي «دبي العالمية»، حيث قدّمت إمارة أبوظبي في ديسمبر 2009، دعماً بقيمة 10 مليارات دولار إلى حكومة دبي لمساعدتها على وفاء ديون قبل أيامٍ قليلة من تاريخ استحقاقها. لقد أثبت الشيخ خليفة - عبر تعاملات الدولة مع آثار الأزمة- قوة الوضع الاقتصادي للإمارات، وذلك عبر سياسة تنويع مصادر الدخل والانفتاح الاقتصادي التي انتهجتها قيادة الإمارات. وبذلك، أثبتت الإمارات جدارتها في تحقيق النجاح والازدهار، وبرهنت قدرتها على التعامل مع الظروف والتحديات والمتغيرات كافة. وقد نجحت الإمارات، بقيادة الشيخ خليفة وهي الحريصة على توحيد الجهود على المستوى الاتحادي، في مواجهة تداعيات الأزمة عبر التنويع في الناتج المحلي الإجمالي الذي كان يشكل النفط جزءاً كبيراً منه عام 1971 بنسبة 70% حتى أصبحت مساهمة النفط اليوم 38% فقط من الناتج المحلي، فيما 62% مساهمة قطاعات غير نفطية، فضلاً عن وضع عديد مشاريع القوانين التي تقدم حوافز مشجعة للاستثمار أو التنافسية ما يضمن مناخاً استثمارياً ناجحاً. ووفقاً لأحدث إصدار لتقرير التنافسية العالمي 2013-2014، والذي يصدر سنوياً عن المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، قفزت الإمارات 5 مراتب في مؤشر التنافسية العالمية لتحتل المرتبة 19 بعد أن كان تصنيفها العام الماضي في المرتبة 24. وقد حافظت الدولة وللعام الثامن على التوالي، على وجودها في مرحلة «الاقتصادات القائمة على الإبداع والابتكار»، والتي تعتبر أكثر مراحل تطور الاقتصادات العالمية. لذا، فالإمارات – بقيادة رئيسها - اليوم بحق، ومع مؤشرات نمو الحركة الاقتصادية، تسير بثبات ضمن استراتيجيات رسمتها تمتن اقتصادها الوطني وفق ضوابط ومعايير تؤسس لنموذج اقتصادي قوامه صناعات تستند إلى المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، مستخدمة القاعدة الاقتصادية والمالية القوية والصلبة التي تملكها، مع ترسيخ نهج الانفتاح السياسي والاقتصادي والثقافي على العالم، وتدعيم علاقات الدولة الخارجية وفق سياسات معتدلة ومتوازنة إقليمياً ودولياً، مع الاهتمام بمواصلة مسيرة تطوير الاقتصاد المحلي.