دعوات للاعتراف بالدولة الفلسطينية وانخراط تركي ضد «داعش» «لو موند» غاصت الصحيفة في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي بين ثنايا الذاكرة المثخنة بالجراح والآلام، راجعة إلى حقبة موجعة من تاريخ بلدين تشابكا في لحظة تاريخية معينة ليفترقا على وقع العنف والدم، فالصحيفة تخلد ذكرى مرور ستين سنة على انطلاق حرب الاستقلال الجزائرية وتشكيل جيش التحرير الوطني في 1954 الذي خاض حرباً ضروساً مع الجيش الفرنسي انتهت في العام 1962 بتنظيم استفتاء حول استقلال الجزائر. لكن قبل الوصول إلى هذا التاريخ شكلت سنوات الحرب المديدة فصلاً دموياً في تاريخ العلاقات بين البلدين وذكرى أليمة ما زالت أشباحها مستمرة حتى الآن، فهي، تقول الصحيفة، شكلت بالنسبة للفرنسيين صدمة كبيرة خلخلت الاعتقادات القديمة والراسخة لدى البعض من أن الجزائر أرض فرنسية، غير أن التواجد الفرنسي كان استيطاناً مبنياً، تقول الصحيفة، على الظلم ويحمل في طياته تناقضات العلاقة المتوترة بين قوة غاشمة وشعب يرزح تحت الاستعمار، وإذا كانت فرنسا التي خرجت من الجزائر تعاملت مع الوضع على أنه صدمة ثانية تتعرض لها الجمهورية في القرن العشرين بعد كارثة الانهيار أمام الجيش النازي في 1940، فيكفي بالنسبة للجزائر كدليل على جسامة التضحيات أنها فقدت بين 1830 تاريخ دخول فرنسا و1960 ما يقارب ثلث سكانها. «ليبراسيون» في مقال للرأي نشرته الصحيفة يوم الاثنين الماضي كتبه ثلة من المسؤولين الفرنسيين السابقين من بينهم باسكال كانفين، الوزير الفرنسي السابق المكلف بالتنمية، استُعرضت صعوبة الوضع الاقتصادي الذي يعيشه الاتحاد الأوروبي في هذه اللحظة الحرجة، مدللين على ذلك بتوقعات صندوق النقد الدولي الذي قال إن احتمالات عودة الاتحاد الأوروبي إلى الركود هي في حدود 40 في المئة، كما أن عموم الاستثمارات العامة والخاصة في جميع الدول الأوروبية انخفضت عن نسبتها في 2008 بمعدل 18 في المئة، وهو وضع يقول المقال ينذر بعواقب وخيمة على المستقبل الاقتصادي لأوروبا، لكن هل من مخرج يحول دون سقوط أوروبا في الركود؟ هنا يقترح الكتاب مجموعة من الحلول أولها القطع مع سياسة التقشف التي تفرضها ألمانيا وتزكيها دول أخرى، ليس كهدية لفرنسا المتأخرة في ضبط موازنتها العامة وكبح العجز، بل لأن النمو الاقتصادي الضروري ما عاد يتحمل المزيد من التشدد المالي، وثانياً يقر الكتاب بالحاجة لإصلاحات هيكلية عميقة تطال الاقتصاد الأوروبي تركز على الرفع من الإنتاجية وتخفيف العبء على الشركات غير القادرة على التوظيف من خلال تكريس مرونة أكبر في سوق العمل، ثم ثالثاً إطلاق دينامية الاستثمار عبر ضخ الأموال في المشروعات الكبرى. «لاكسبريس» أشارت المجلة الأسبوعية في مقال لها يوم الخميس الماضي وقعته "ماري لودوران" و"ماتيو ديبريك" إلى الأصوات المتعالية في فرنسا المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أسوة بالخطوة السويدية الأخيرة، لا سيما أصوات الأحزاب البيئة الممثلة في البرلمان الفرنسي، وأيضاً بعض المسؤولين المنتخبين في المجالس المحلية من الحزب الاشتراكي، حيث شهدت الفترة الأخيرة طرح أكثر من مقترح قانون للاعتراف بالدولة الفلسطينية. لكن وبرغم مشروعية الطلب، يقول الكاتبان، إلا أن دونه العديد من العقبات ليس أقلها اللوبي الإسرائيلي النشط في باريس، والمخاوف الفرنسية من ردود فعل الدولة العبرية، وأيضاً بعض السياسيين المعروف انحيازهم لإسرائيل، إلا أنه وفي جميع الأحوال ما عاد وضع القضية الفلسطينية مستداماً بالنظر إلى الإجراءات الإسرائيلية والاستيطان المتواصل الذي يذهب كله في اتجاه إقبار حل الدولتين، ما يعني الحاجة لوقفة أوروبية حازمة وإشهار ورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية علَّ ذلك يدفع الحكومة اليمينية في تل أبيب إلى مفاوضات جدية تقوم على الثوابت المعروفة مثل حدود 1967 وتبادل الأراضي، وتقسيم القدس، أو الإشراف المشترك عليها. «لو بوا» تحت عنوان «ماذا لو استيقظت تركيا؟» تساءل الكاتب "ميشيل كولوم" في مقالة نشرتها المجلة الأسبوع الماضي عن الأسباب الحقيقية التي تمنع تركيا من الانخراط الفعلي في الحرب ضد «داعش»، مشيراً إلى أن الأمر لا يخرج عن الخوف التركي المتأصل من الأكراد، فهم كانوا المنتصر الأول من الحرب في العراق وإسقاط نظام صدام حسين، محققين مكاسب اقتربت كثيراً من الاستقلال، وهو مصير لا تريد أنقرة أن يتكرر في شمال سوريا ليتمدد يوماً ويصير واقعاً يتمدد في أراضيها ليشكل وطناً قومياً للأكراد، لكن إذا تجاوزت تركيا هذه المخاوف وحصلت على ضمانات حقيقية سيجد التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، فرصة للقضاء على «داعش» بتسهيل تحرك الطائرات التي لن تكون مضطرة للتحليق من مناطق بعيدة فيما قاعدة إنجرليك على مرمى حجر من الحدود السورية. إعداد: زهير الكساب