إذا استطاع الجمهوريون اكتساح مجلس الشيوخ في انتخابات التجديد النصفي، كما يتوقع المراقبون، فإن بوادر ذلك ترجع في الحقيقة إلى قرار حاكم ولاية نيوجيرسي، «كريس كريستي» وهو «جمهوري»، ونظيره «الديمقراطي»، «أندرو كومو»، حاكم ولاية نيويورك، بعدم الانصياع لاستراتيجية أوباما في محاربة إيبولا، واختيار طريقهم الخاص بعيداً عما سطره البيت الأبيض، والواقع أن اعتراض أوباما على الحاكمين لاتخاذهما قراراتهما الخاصة ورغبتهما في القيام بشيء ما يطمئن المواطنين يلحق ضرراً بالغاً بصورة الحزب «الديمقراطي» ويضعه في موقف حرج أمام الناخبين، فلا شك أن تقدم حكام الولايات لملء الفراغ الناشئ عن تقاعس الإدارة وإلزام ولاياتهم ببعض الإجراءات المنطقية القادرة على طمأنة الناخبين، أمر مطلوب في الوقت الحالي، لا سيما مع انعدام ثقة الناخبين في قدرة الرئيس على التصدي للمرض، لذا تظل احتمالات تصويتهم لمن يستجيب لنداءاته بشأن محاربة إيبولا ضئيلة للغاية، فيما انتقادات إدارة أوباما العلنية للحاكمين المذكورين فقط تُكرس الاعتقاد بأن الرئيس ليس مدركاً لما يجري، ولا على اطلاع بمدى قلق الأميركيين، وتوجسهم. فماذا يجدر بحاكم ولاية القيام به وهو يعاين تنامي القلق لدى الناس من انتشار المرض؟ هل يكتفون بعقد اجتماعات فارغة مع المسؤول الذي عينه أوباما حول الموضوع؟ فلا بد لحكام الولايات من التحرك واتخاذ خطوات ملموسة للحد من احتمال المرض من تفشي المرض، حتى لو استدعى ذلك التصادم مع الإدارة، بل الأكثر من ذلك يضع هذا الأمر المرشحين«الديمقراطيين» تحت الأضواء بين تأييدهم لإجراءات أوباما، وبالتالي التعرض للانتكاس، أو التمرد عليها وإبداء اهتمام أكبر بمخاوف الأميركيين. ولعل ما كشف تخبط إدارة أوباما رفضها إخضاع القادمين من غرب أفريقيا، لا سيما الكوادر الطبية الأميركية، لحجر طبي مؤقت حتى يتم التأكد من خلوهم من الفيروس وعدم إصابتهم بالمرض، وفيما كان المحامون والمسؤولون في إدارة أوباما يدافعون عن الممرضة الأميركية التي احتجزتها سلطات نيوجيرسي ريثما يتم التأكد من عدم إصابتها بالمرض وينددون بالخطوة، التي اعتبروها انتهاكاً لحقها الدستوري، كان الأميركيون يتساءلون عما إذا كان هذا الحق يسمح لها بنقل العدوى لأبنائهم، واللافت أن رفض إدارة أوباما لفكرة الحجر الصحي المؤقت يأتي على بعد أسبوع واحد فقط من انتخابات الكونجرس، غير عابئ على ما يبدو بتأثيرات ذلك على حظوظ «الديمقراطيين»، بل إن الجيش الأميركي نفسه قرر إخضاع عناصره القادمين من غرب أفريقيا للحجر الصحي، ما يعني المزيد من تآكل مصداقية الرئيس وإحراجاً للمرشحين«الديمقراطيين»، الذي سيكون عليهم الاختيار بين مساندة الرئيس، أو تجاهل اعتراضاته والنجاة بأنفسهم. إيد روجرز كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»