المكانة التي احتلتها دولة الإمارات العربية المتحدة كأول الدول المانحة للمساعدات في العالم في عام 2013، ضمن التصنيف الصادر عن «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، هي مكانة لم تأتِ من فراغ، بل تحققت بفضل الجهد والعطاء غير المحدود، الذي بدأته الدولة منذ نشأتها مطلع عقد السبعينيات من القرن العشرين، انطلاقاً من مبادئ ثابتة وراسخة في سياستها الخارجية المنفتحة على الجميع، والمهتمة بالإنسان كحجر زاوية في علاقتها مع دول العالم كافة، والحريصة على تسخير العلاقات الدولية بكل إمكاناتها في خدمة أهداف التنمية والارتقاء بالإنسان أينما وجد، من دون أي تمييز أو تفرقة. وتأكيداً للمكانة المتميزة لدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم العمل الإقليمي والدولي وتعزيزه في المجال الإنساني، أشارت «منظمة الصحة العالمية» مؤخراً، على لسان مدير مكتبها الإقليمي، إلى أن الإمارات تتقدم دائماً صفوف دول المنطقة والعالم في الدعم والعطاء والمساندة، بما في ذلك دعم القضايا الصحية في المنطقة العربية والعالم، وتبرعاتها الكريمة لمساعدة ضحايا حالات الطوارئ والكوارث والصراعات، وتخفيف الأعباء التي تثقل كاهل الحكومات والمنظمات الدولية جراء تلك الحالات، ودعمها المشروعات الإنمائية والعمليات الإغاثية، ومساندة برامج إعادة إعمار المناطق المنكوبة والمتضررة من الكوارث». إن المنح والمساعدات الإنمائية والإنسانية التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام الماضي بلغت نحو 5.2 مليار دولار، وكانت نسبة هذه المساعدات مقارنة بالدخل القومي هي النسبة الأعلى عالمياً، فيما يعد إنجازاً تاريخياً، يجسد الرؤية الإنسانية للقيادة الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- ويعبر عن قيم التكافل والتراحم التي تميّز المجتمع الإماراتي. هذه القيم تقوم على المبادئ والقيم الإسلامية والعربية الأصيلة والراسخة التي يؤمن بها المجتمع، والتي تدفعه للتعامل مع التحديات التنموية والإنسانية العالمية من منطلق أنه جزء لا يتجزأ من نسيج عالمي واحد. وتتعهد الإمارات ضمن رؤيتها لعام 2021، بالاستمرار في جهدها وعطائها الإنساني العالمي، عبر تطوير الحلول المبتكرة وتطبيقها لمواجهة التحديات الإنسانية الناتجة عن الكوارث الطبيعية، وتعزيز دورها في «الثورة الخضراء»، والحدّ من انبعاثات الكربون، وتقليص الأخطار الناجمة عنها محلياً وإقليمياً وعالمياً، للوصول إلى بيئة عالمية مستدامة، يعيش فيها الإنسان بأمان. وفي هذا الإطار تشارك الإمارات في تنفيذ مشروعات حماية التوازن البيئي العالمي على المدى البعيد، كتطوير المناطق الحضرية، ونشر استخدام الطاقة المتجددة، ومشروعات معالجة النفايات وغيرها. وتخصص الإمارات نسبة كبيرة من المنح والمساعدات، لمساعدة الدول والمناطق المتضررة من الصراعات المسلحة، وتقف إلى جانب الدول المنكوبة بالأوبئة والأمراض المتفشية والفيروسات، والأزمات الصحية الناتجة عنها، وقد قامت في هذا الإطار بتنظيم حملات تطعيم الأطفال ضد الأمراض والأوبئة في العديد من دول العالم، كما حدث مؤخراً في حملتها لتطعيم أطفال باكستان ضد شلل الأطفال. كما كانت الإجراءات الإماراتية في التعامل مع فيروسات أنفلونزا الطيور، وأنفلونزا الخنازير، وكورونا، وإيبولا، على قدر كبير من الكفاءة. فرغم انفتاحها غير المحدود على العالم الخارجي، فقد نجحت تلك الإجراءات في حماية المجتمع الإماراتي من مخاطر هذه الفيروسات، وجعلت من النهج الإماراتي نموذجاً يحتذى به في التعامل مع مثل هذه التهديدات. هذه الجهود الإماراتية في المجال الإنساني تبعث برسالة قوية إلى العالم مفادها «أن القيم الإنسانية هي التي ينبغي أن تسود علاقات الدول، من أجل إحلال السلام والاستقرار العالميين». ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.