الأحد كان يوماً انتخابياً عبر العالم بامتياز؛ حيث توجه البرازيليون إلى مكاتب الاقتراع ليقرروا ما إن كانوا سيبقون على رئيستهم الاشتراكية المتعثرة أو سيستبدلونها؛ كما أدلى الأوكرانيون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد في وجه الاعتداء الروسي، غير أن الانتخابات الأهم ربما هي تلك التي شهدتها تونس الصغيرة، مهد الثورات العربية التي اندلعت قبل قرابة أربع سنوات والمكان الذي لم تؤد فيه الثورة إلى حرب أهلية. وعليه، فتونس هي الحالة الشاذة على ما يبدو في شرق أوسط تتصارع فيه «داعش» وخصومها الاستبداديون على الجثث في سوريا والعراق. ففي يناير الماضي، تبنت البلاد دستوراً تقدمياً يحدث توازناً بين البرلمان الذي انتُخب الأحد - والذي سيفرز رئيسا للوزراء - ورئيساً سيتم انتخابه شعبياً الشهر المقبل. حزب «النهضة»، الذي حصل على أغلبية الأصوات في أول انتخابات تجرى بعد الثورة، وقاد المراحل الانتقالية اللاحقة، تنافس على الأصوات مع مجموعة من المنافسين العلمانيين، ومن بينهم عدد من الأحزاب التي تقودها شخصيات رفيعة في النظام الدكتاتوري السابق لزين العابدين بن علي، وهناك دعوة إلى تشكيل ائتلاف في البرلمان الجديد يضم كل تلك الأحزاب – وقد اختار الحزب ألا يتنافس في الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل. هل تمثل تونس،«ديمقراطية عربية...بنهاية هذا العام»، وهل هي حالة شاذة حقا؟ الواقع أنها من بعض النواحي ليست كذلك. فعلى غرار معظم الشرق الأوسط، تبدو تونس متخلفة عن العولمة؛ كما أنها تعاني بيروقراطية إدارية شديدة، ونظاماً تعليمياً ضعيفاً، وجيلاً من الشباب العاطل عن العمل – يجسده محمد بوعزيزي، بائع الفواكه المحبط والساخط الذي أقدم على إحراق نفسه في 17 ديسمبر 2010 احتجاجاً مشعلاً بذلك شرارة أولى مظاهرات ما سمي في وقت من الأوقات «الربيع العربي»، ثم إن تونس لديها أيضا نصيبها من المتطرفين الإسلاميين؛ حيث تخوض مجموعات إرهابية حركة تمرد انطلاقا من الجبال الغربية. كما يُعتقد أن ما يصل إلى 3 آلاف تونسي سافروا إلى سوريا أو العراق من أجل الانضمام إلى داعش أو فروع «القاعدة»، والواقع أن الأنظمة القديمة هي التي خلقت الظروف المواتية للتطرف عبر منع أي متنفس سياسي خارج المسجد. فإرهابيو تونس ولدوا ونموا أولاً خلال فترة بن علي، يقول زيتون، و«الفرق هو أنه خلال الديكتاتورية لم يكن أحد يعلم شيئا حول ذلك». ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»