يعتبر «روبين جوبا» نفسه ضحية لفيروس الإيبولا، أو على الأقل للهيستيريا التي أصابت الكثيرين بسبب المرض. فهو لم تطأ قدماه ليبيريا منذ أكثر من 15 عاماً، لكن مجرد انتمائه إلى غرب أفريقيا يبدو سبباً كافياً لابتعاد الناس عنه. يقول «جوبا»، وهو مواطن ليبيري جاء إلى الولايات المتحدة عام 1999 ويقيم في «بوينا بارك»: «يمكنك قراءة ما بين السطور. هناك قدر كبير من السلوك السلبي حيالي لم أشعر به من قبل». وقد فقد «جوبا» زبائنه في مركزه للياقة البدنية، وأصبح أصدقاؤه الذين اعتاد التواصل معهم مشغولين للغاية عن زيارته، حتى أن أحدهم بدا متحفظاً وقال: «إن هذا يزعجني حقاً». وكثير من الليبيريين الذين يقيمون في الولايات المتحدة لديهم نفس الشعور بعدم الارتياح، حيث يلاحظون أن الناس قد يتجنبونهم بسبب مخاوف غير منطقية حول هذا المرض القاتل. ويرى «صامويل هوف»، رئيس منظمة المجتمع الليبيري الأميركي بجنوب كاليفورنيا، أن «الغالبية العظمى من الناس الذين نقابلهم في غاية الرقة والحساسية، لكن هناك دائماً القليلين الذين إذا رأوا ليبيرياً يفرون هاربين». ويقول «هوف» إن نحو ألفي شخص من ليبيريا يقيمون في جنوب كاليفورنيا. والعديد منهم، ومن بينهم «جوبا» و«هوف» نفسه، فروا من بلادهم بسبب الحرب الأهلية التي دامت لأكثر من عشر سنوات، انذثرت أثنائها الخدمات الأساسية، وتحطم اقتصاد ليبيريا وقتل أكثر من 250 ألف شخص. وقد أمضى «هوف» ثلاث سنوات في مخيم للاجئين في سيراليون قبل أن يأتي إلى لوس أنجلوس عام 1993 عندما كان مراهقاً. وهو يقول: «هذا هو وطني. إنني أعتقد أن الشعب الأميركي رائع. عندما تكون هناك أزمة في الدول الأخرى، يجتمع الناس هنا ويساعدونها». وأضاف أن الهستيريا التي تصاحب وباء الإيبولا لم تتسبب فقط في وصم غرب أفريقيا، لكنها أيضاً خنقت الدعم الشعبي للجهود المبذولة لجمع الأموال من أجل المساعدة على محاربة المرض. وأشار «هوف» إلى أنه «يتم تصوير الإيبولا كمشكلة حلت على هذه الأمة بسبب الناس القادمين من أفريقيا. عندما نجد هذا النوع من الرسائل، يصعب حشد الناس لتعزيز المساعدات». كنت أتحدث إلى «هوف» أثناء قيادته شاحنة محملة بحاويات البضائع والإمدادات الطبية التي تبرع بها مركز «لونج بيتش ميموريال» الطبي، لتوصيلها إلى ليبيريا. وقد تم التنسيق لهذه التبرعات من قبل الجراح «جريس دينكينز»، وهو مواطن من ليبيريا، حيث قتل فيروس الإيبولا أكثر من 2500 شخص، بينما لقي آلاف آخرون حتفهم في غينيا وسيراليون حيث يتفشى المرض. ورغم أنه تم إلى الآن تشخيص ثلاث حالات فقط للإصابة بفيروس الإيبولا في الولايات المتحدة، فإن الكثيرين يشعرون بالذعر حالياً كلما عطس أو تقيأ شخص بجانبهم أو بدت عليه أعراض الحمى. ويقول ثلثا الشعب الأميركي إنهم يخشون إمكانية انتشار وباء الإيبولا في بلادهم. لذلك فمن المخيب للآمال، لكن ليس من المستغرب، أن سكان الغرب الأميركي يتحملون وطأة المخاوف الكبرى. ويصف «جوبا» شعوره بالألم لابتعاد الناس عنه وكأنهم يفكرون بأنه غير نظيف ولا يتمتع بالصحة، لذا فلا يمكنهم التواصل معه. وقد انتهى الحال بـ«جوبا» في فيرجينيا بعد أن غادر مخيماً لللاجئين في ساحل العاج. ثم استقر في كاليفورنيا حيث شق طريقه نحو النجاح. كان يمتلك مركزاً للياقة البدنية ويعطي دروساً في الموسيقى ويروج للأحداث الاجتماعية التي تركز على «السلام والوحدة». وكان قد حجز غرفة في أحد المطاعم لإقامة حفلة هذا الشهر، لكن قبل بدء الحفلة بساعة، ألغى مالك المطعم الحفل، قائلا إنه لا يشعر بالارتياح. كذلك رحل أصدقاء جوبا عنه وتلامذته الذين كان يعلمهم في مركز اللياقة البدنية. وعند هذا الحد، بدأ «جوبا» يصدق أن جنسيته قد تكون أكثر أهمية من سباقات الماراثون الأربعة التي خاضها ودروس اللياقة البدنية التي كان يطورها. وهو يقول: «حتى وإن كنت غير مريض، فإني أصبحت ضحية الإيبولا لأن هذا ما يراه الناس». ------- ساندي بانكس- كاليفورنيا ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. أس. تي. انترناشيونال»