كلفة الانقلاب على «داعش» اتضحت على نحو عنيف في شوارع بلدة نائية متربة في غرب سوريا أوائل أغسطس الماضي، حيث قام مقاتلون يسعون للانتقام بقصف وصلب وإعدام المئات من أفراد قبيلة الشعيطات على مدى ثلاثة أيام بعد أن تجرؤوا على الانتفاض ضد المتطرفين. ومع توقف أعمال القتل، كان 700 شخص قد قُتلوا، خلال أكبر مذبحة ترتكبها «داعش» في سوريا منذ أعلنت عن وجودها قبل 18 شهراً. قصة هذه الانتفاضة القبلية الفاشلة التي وقعت في أبو حمام بمحافظة دير الزور شرق سوريا، تلقي الضوء على التحديات التي ستواجه الجهود الرامية إلى إقناع من يعيشون تحت حكم «داعش» -في العراق وسوريا- بالانضمام إلى القتال ضد التنظيم المتطرف، وهو شيء يقول المسؤولون الأميركيون إنه ضروري وأساسي إذا كان يراد للحملة ضد الجهاديين أن تنجح. منطقة أبو حمام باتت مهجورة الآن، والعديد من الجثث لم يتم جمعها بعد، في تذكير رادع للسكان بالمصير الذي ينتظر من يتجرأ على التمرد. لكن الرسالة القوية الثانية بالنسبة لمن يعيشون تحت القبضة الحديدية لـ«داعش» هي الصمت الدولي عن حمام الدم الذي شهدته البلدة السورية. وتزامنت الأخبار حول هذه المذبحة مع قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما حول تنفيذ ضربات جوية لوقف تقدم «داعش» إلى الشرق في العراق، نحو عاصمة إقليم كردستان أربيل، إضافة إلى إلقاء مساعدات إنسانية للإيزيديين العراقيين. غير أن الكثير من السوريين في المعارضة بدأوا يشتكون من معاملة غير متكافئة. فالطائرات الحربية الأميركية نفذت من الضربات الجوية ضد قوات «داعش» التي تحاصر بلدة كوباني على الحدود السورية مع تركيا، أكثر مما نفذته في أي موقع آخر في العراق أو سوريا. ويوم الأحد الماضي، أعلنت واشنطن قيام طائرات أميركية بإلقاء أسلحة وإمدادات طبية جواً على المقاتلين الأكراد المحاصَرين هناك. وبالمقابل، لم تبذل واشنطن حتى الآن جهوداً حقيقية لمساعدة السنة الذين يرغبون في محاربة المقاتلين، لكنهم يفتقرون للإمكانات اللازمة لذلك، كما يقول أبو سالم، أحد أبناء قبيلة الشعيطات وقادة المتمردين الذين اجتمعوا مؤخراً بشقة في بلدة ريحانلي التركية الحدودية من أجل سرد قصة قتل أبناء قبيلتهم. يقول أبو سالم: «لقد رأينا ما قام به الأميركيون لمساعدة الإيزيديين والأكراد، لكنهم لم يقوموا بأي شيء لمساعدة السنة ضد داعش». أبو سالم والرجال الآخرون قالوا إنهم ليسوا مستائين من الجهود الرامية لمساعدة الأكراد بقدر ما يتساءلون ويستغربون لماذا لم يهب أي أحد لمساعدتهم عندما كانوا يتعرضون للهجوم. ومن جانبه، يقول أبو سراج، وهو عضو آخر من رجال القبائل، إن مذبحة أبو حمام التي تعرضت لها قبيلة الشعيطات زرعت في الناجين كراهية لـ«داعش» ولكل التنظيمات الإسلامية. وعلى غرار معظم الرجال الآخرين، طلب أبو سراج، وهو محام سابق، أن يشار إليه باسمه الحركي فقط لأنه يخشى أن يقتفي أثره المتطرفون حتى في تركيا. لكن إيجاد دعم للجهود الرامية إلى تنظيم الصفوف ضد المقاتلين المتطرفين يبدو صعباً، كما يقول وهو يُخرج هاتفه المتحرك ليُظهر صورة لجثة مقطوعة الرأس ومقيدة اليدين لصديق له قُبض عليه وهو يحاول إلقاء قنبلة يدوية، على ما يقال. ويقول أبو سراج: «عندما ترى أقارب لك يتعرضون للقتل، ستضطر لقبول تنازلات ما كنت لتقبلها أبداً»، مضيفاً: «وعندما ترى أن العالم قد تخلى عنك، فلن تقوم بشيء حيال ذلك». ليز سلاي كاتبة سياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»