«تعمل ألمانيا على اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة مركزاً رئيسياً للتصنيع والتصدير في منطقة الشرق الأوسط للمنتجات والصناعات الألمانية، والشركات الصناعية الألمانية تتوجه إلى مناطق مختلفة في الإمارات، وأبرزها منطقة (كيزاد) في أبوظبي، في ظل توافر فرص التصنيع والنقل وصناعة البتروكيماويات». هذه الكلمات كانت جزءاً من تصريحات الرئيس التنفيذي للمجلس الألماني-الإماراتي المشترك للصناعة والتجارة، الدكتور بيتر جوبفريتش، مؤخراً، وهي تُعد تعبيراً صريحاً عن المكانة المميزة التي يحتلها الاقتصاد الإماراتي في تطلعات المستثمرين ورواد الأعمال والشركات الألمانية. وتظهر البيانات الرسمية الألمانية أن دولة الإمارات العربية المتحدة الآن واحدة من أكبر الأسواق بالنسبة للمنتجات الألمانية عالمياً، فهي تستقطب نحو 1 في المئة من إجمالي الصادرات الألمانية، وتستضيف استثمارات ورؤوس أموال ألمانية تصل قيمتها إلى نحو 2.2 مليار يورو، وهناك نحو 1000 شركة ألمانية تعمل في أسواقها، وتعتبرها مركزاً لأعمالها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذه المكانة المميزة للأسواق الإماراتية في تطلعات الشركات الألمانية ناتجة عن امتلاك هذه الأسواق عدداً من المقومات الأساسية، تمكن الشركات من الإنتاج بتكاليف منخفضة وبكفاءة وجودة عالية، لا يمكن تحقيقها في باقي أسواق المنطقة، وفي العديد من الأسواق حول العالم. ويأتي على رأس هذه المقومات: مرونة الأطر التشريعية والتنظيمية، وسهولة إجراءات تأسيس المشروعات وتشغيلها، وتطور البنى التحتية والتكنولوجية، ونمو حجم الأسواق المحلية وديناميكيتها. بالإضافة إلى ذلك تتمتع الأسواق الإماراتية بدرجة عالية من الانفتاح على العالم الخارجي، بما يوفر للمستثمرين ورواد الأعمال والشركات فرص دخول الأسواق والخروج منها، وتصدير منتجاتهم واستيراد مستلزمات الإنتاج بسهولة ويسر. وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن السفير الألماني في دولة الإمارات العربية المتحدة كان له تصريح ذو دلالة مهمة في هذا الشأن، وصف فيه الاقتصاد الإماراتي بأنه أحد الأسواق الأكثر ديناميكية في المنطقة والعالم. وما تمتلكه بيئة الأعمال الإماراتية ومناخها الاستثماري من مقومات استثنائية، لا يجعلها بؤرة جاذبة للمستثمرين وللشركات الألمانية فقط، بل يجعلها واحدة من أكثر وجهات الاستثمار جاذبية وتنافسية حول العالم. ولعل المرتبة المتقدمة التي تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في «مؤشر التنافسية العالمية» الآن هي أكثر المؤشرات دلالة على ذلك، فهي تحتل المرتبة الثانية عشرة عالمياً في هذا المؤشر، وذلك وفق آخر تصنيف صادر عن «المنتدى الاقتصادي العالمي» لعام 2014/2015. وبهذا التصنيف تقدمت الإمارات سبع مراتب كاملة مقارنة بتصنيف العام الماضي، وحققت تفوقاً على العديد من الدول المتقدمة، كالدنمارك وكندا وكوريا الجنوبية ودول أخرى، وأحرزت مراكز عالمية متقدمة في العديد من المؤشرات الفرعية في مجال التنافسية، إذ جاءت في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشرات «جودة الطرق» و«غياب الجريمة المنظمة» و«انخفاض معدلات التضخم». وجاءت في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشرات «مشتريات الحكومة من التكنولوجيا المتقدمة» و«فعالية الإنفاق الحكومي» و«قلة العقبات التجارية». وجاءت في المرتبة الثالثة عالمياً في مؤشرات «قلة البيروقراطية الحكومية» و«جودة الموانئ» و«كفاءة الإجراءات الجمركية» و«استقطاب التكنولوجيا عن طريق الاستثمار الأجنبي المباشر»، هذا ناهيك عن مؤشر «اجتذاب المواهب المتخصصة في بناء اقتصاد المعرفة». وفي النهاية، فإن امتلاك دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه المقومات الاستثنائية لن تقتصر عوائده على تفوقها إقليمياً وعالمياً في مجال التنافسية والجاذبية الاستثمارية في الحاضر فقط، بل إنها ستظل ذات مكانة مميزة وستحقق المزيد من التقدم في المستقبل أيضاً، لترسخ مكانتها كمركز للأعمال ومنطلق للشركات العالمية الكبرى. ـــ ـــ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.