ما من شك أن السماء هنا مشعة والأرض ثابتة مُزينة بالورود على جوانب الطريق، فالأمل الذي نستقبل به الحياة كل صباح يتيح لنا إغلاق كل منافذ الأخبار، وكل نجوات القلق التي تأتي مع الريح التي يحمل بعضها الهموم والكآبة، والظلمة التي لا نرى فيها حتى أصابعنا. في هذه البلاد، هناك آمال واسعة، وأحلام تتسع لنا في كل أجواء الكرة الأرضية، فلم يعد في العمر بقية تضيع خلف أخبار، وأفكار تستدعي المزيد من الأسئلة. والذي لا يسأل يعيش سعيداً، مطمئناً إلى تصور مفاده أنه عندما لا يعرف الكثير سيكون بعيداً عن هموم المعرفة القادمة مع كل نهار جراء أحداث وزلازل تعج بها أخبار المنطقة. لذلك عندما تحيا مطمئناً، وتصحو على خبر احتجاز صيادين كل همهم هو الحياة بكرامة، التي اعتادها أهل البلاد، فإن الأمر يشي بأن التوتر شر لا يأتي إلا من هناك، وكأن هذا الإماراتي مضطر للعيش متوجساً من جارة مقلقة، يعيش أهلها حياة الرفاه هنا بين ظهرانينا. نحن شعب مسالم، بسيط كل همه أن يعيش مطمئناً بلا منغصات، وأزعم أن حتى أحلامهم مازال هاجسها حياة تعمها البساطة والهدوء ومجاورة البحر لا أكثر. وأن يُعتدى على صيادين أبرياء فقط لأنهم يحملون جنسية الإمارات، فهذا أمر يثير تساؤلات جمة، ويبث أجواءاً من القلق. الإيرانيون لم يكتفوا باحتلال جزر عربية ورفعوا العلم على إحداها، بل تجاوزوا على أبرياء، ويحملونهم فشلهم على مستوى المنطقة كلها. فالصباح الجميل الذي يأتي بخير البحر، جاء بخبر قاسٍ لم نعتاده، فكيف لدولة جارة أن تحجز صيادين؟ ولماذا يحدث ذلك؟ هل هو من أجل التعدي فقط؟ أو أنه أشبه بتهديد بأن التطورات الإقليمية تصب في صالح هذه الدولة، وبات مسؤولوها، يتعاملون مع هذه التطورات كما لو أنها ستخدم تصوراتهم دون غيرهم. لا أفهم لماذا هذه التصرفات، وما هي المكاسب الاستراتيجية التي يتوقعون الوصول إليها من احتجاز هؤلاء الأبرياء؟! لا شك أن كثيرين من أهل الإمارات لا يفكرون بزيارة إيران أو أن يستمعوا بأماكنها السياحية، لاسيما وأن هذه التصرفات تشي بعدم الثقة، خاصة عندما تكون تعبيراً عن رغبة مستميتة في السيطرة وادعاء القوة . بالتأكيد لن تدخر الحكومة جهداً في اطلاق سراح هؤلاء الأبرياء، لكن هذه التصرفات الإيرانية استنزاف للجهود واغتصاب لحرية أشخاص كانوا يبحثون عن رزق طالما كان البحر مصدره. متى يعود الصيادون لأهلهم سواء المواطنين منهم أو الآسيويين؟ كلهم محل اهتمام في الإمارات، ولن تألو الدولة جهداً في إطلاق سراحهم وعودتهم سالمين إلى أرضهم وذويهم. إيران لا تزال تحتل الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبري وطنب الصغرى وأبوموسى، وأججت المنطقة بطائفية بغيضة.