نتنياهو يدافع عن الاستيطان.. وشبح الحرب يعود إلى الشرق الأوسط نتنياهو يدافع عن الاستيطان.. وشبح الحرب يعود إلى الشرق الأوسط مواقف سلبية تجاه نتنياهو خلال زيارته لواشنطن، وتراجع حل الدولتين مقابل صعود فكرة الدولة ثنائية القومية، وتصريحات نتنياهو غير الموفقة في الدفاع عن الاستيطان، واستمرار شبح الحرب في المنطقة بين إسرائيل وجيرانها.. قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. زيارة نتنياهو لواشنطن سلطت صحيفة «هآرتس» الضوء في افتتاحيتها الأسبوع الماضي على اللقاء المتوتر الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالرئيس الأميركي باراك أوباما عقب الاجتماع السنوي للأمم المتحدة، فقد سعت السلطات الإعلامية في إسرائيل، تقول الصحيفة، إلى إسباغ طابع إيجابي على اللقاء، متناسية التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم البيت الأبيض، والتي انتقد فيها القرار الذي أعلنت عنه الحكومة الإسرائيلية ببناء 2610 وحدات سكنية في القدس الشرقية، باعتباره خطوة تنسف أساس حل الدولتين وتؤكد مرة أخرى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في الالتزام بتعهداتها، ذلك أن الاستمرار في الاستيطان، وبخاصة في أحياء القدس الشرقية المحسوبة على الجانب العربي إنما يقضي نهائياً على إمكانية تقسيم القدس بين العرب واليهود، ومع أن نتنياهو استمر في تكرار معزوفته الأثيرة عن تمسكه بحل الدولتين، إلا أنه لا أحد في المجتمع الدولي يصدق إسرائيل لأن تحركاتها على الأرض تذهب في عكس حل الدولتين، بل تكرس لواقع الاحتلال، وهو ما يعكسه استمرار البناء الاستيطاني وتعريض علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة للخطر، إذ تتساءل الصحيفة إلى متى يمكن لواشنطن الاستمرار في دعم إسرائيل والوقوف إلى جانبها في وقت تحرجها تل أبيت أمام العالم، وتضيف الصحيفة في معرض انتقادها للسياسات الحكومية، أن نتنياهو تلقى كلمات صريحة وواضحة أيضاً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي عند لقائه به اشتكى من قصف إسرائيل للمدارس التابعة للأمم المتحدة في غزة والتي كان يلجأ إليها المدنيون، بحيث أكد كل من حضر اللقاء أن الكلام كان قاسياً وأن الإحباط الأممي من السياسات الإسرائيلية بلغ مداه، تلك السياسات التي تكذب كل ما يدعيه الخطاب الإسرائيلي من حرص على حل الدولتين، وذلك بالنظر إلى ما تكشفه التحركات العملية من نفاق ورغبة في خداع عالم ما عاد مستعداً لمسايرة إسرائيل. دولة ثنائية القومية كتب «جدعون ليفي» في «هآرتس» يوم الأحد الماضي مقالا يتساءل فيه عما تبقى من ملامح حل الدولتين في المنطقة، بل يؤكد أنها لم تكن قط موجودة، رغم تحذيرات اليمين واليسار على حد سواء من وصول اليوم المشؤوم الذي تصبح فيه إسرائيل دولة واحدة ثنائية القومية، لكن متى يعترف الإسرائيليون يتساءل الكاتب بأن الدولة ثنائية القومية كانت دائماً موجودة؟ فالغريب حقاً ليس مآل الوضع الراهن الذي يتخوف منه اليهود وهو الوصول إلى دولة للفلسطينيين واليهود معاً يعيشون فيها تحت سقف واحد، وفي ظل حكومة واحدة، وليس الغريب أيضاً تساؤلهم المستمر عن طبيعة هذه الدولة هل ستبقى يهودية أم لا؟- رغم أن الكاتب يقول بأن يهودية الدولة أمر غامض ويكتنفه الكثير من اللبس، بين معنى اليهودية وتوزعها بين الديني والقومي- بل الغريب هو عدم تصديق الإسرائيليين أنهم يعيشون فعلا في كنف دولة واحدة، أليس الفلسطينيون في الخليل واليهود في تل أبيب يخضعون لحكومة واحدة؟ صحيح أنها في الضفة الغربية عسكرية، وفي تل أبيب مدنية، وصحيح أيضاً أن إسرائيل حتى الآن لم تلحق المناطق الفلسطينية المحتلة بالدولة، وبالتالي ما زال الفلسطينيون يتمتعون بما يشبه الحكم الذاتي، لكن الواقع يقول إن الإدارة الفعلية لتلك المناطق هي في يد الحكومة الإسرائيلية، وإن الضفة الغربية ليست سوى مجلس محلي تابع للإدارة المركزية. وليس من قبيل المبالغة الإقرار، يوضح الكاتب، بأننا في دولة واحدة بقوميتين، وأن خمسة ملايين فلسطيني ممن يعيشون داخل إسرائيل والضفة الغربية يقتربون من سبعة ملايين يهودي داخل إسرائيل والمستوطنات، ويبدو أن الإسرائيليين يريدون إقناع أنفسهم بأننا بعيدون عن حل الدولة الواحدة فقط لأن سياسييهم يكررون لازمة حل الدولتين في المناسبات العامة، والحقيقة أن مثل هذا الحل في ظل زحف المستوطنات واكتساح اليمين للساحة السياسة الإسرائيلية صار من الماضي ليبقى السؤال الحقيقي اليوم، يقول الكاتب، هو طبيعة الدولة الواحدة بقوميتين: هل ستكون دولة ديمقراطية ومتساوية لكل مواطنيها اليهود والعرب، وهو ما يتعين النضال من أجله اليوم، أم ستذهب في اتجاه الفصل العنصري والأبرتهايد ومعروف مآل مثل هذه الأنظمة. تصريحات غير موفقة اتخذت صحيفة «جيروزاليم بوست» في افتتاحيتها يوم أمس الجمعة موقفاً مسانداً لرئيس الحكومة الذي رد على الانتقادات الأميركية الرافضة لبناء وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية، فالصحيفة اعتبرت أن دفوعات نتنياهو بهذا الشأن صحيحة لا تشوبها شائبة، إذ ليس ممكناً تقول منع اليهود من بناء منازلهم أينما أرادوا حتى داخل الأحياء العربية إذا هم اشتروها بطرق شرعية، يضاف إلى ذلك أن نتنياهو بدفاعه عن حق اليهود في السكن داخل المناطق الفلسطينية، إنما يوضح رؤيته لحل الدولتين الذي لا يعني أن يخرج المستوطنون من أماكنهم الحالية في الضفة الغربية، إذ يمكن للسلطة الفلسطينية في إطار الدولة القادمة أن تبسط سيطرتها على جميع الأراضي بما فيها تلك التي يعيش فيها اليهود على غرار العرب القاطنين في إسرائيل والذين يتمتعون بحقوق المواطنة، لكن الصحيفة انتقدت جزءاً من تصريحات نتنياهو التي رد فيها على هجوم الإدارة الأميركية، حيث قال عنها إنها لا تتفق مع القيم الأميركية، والحال تقول الصحيفة أن أوباما أدرى من نتنياهو بماهية القيم الأميركية، وربما كان رد البيت الأبيض السريع واضحاً وصائباً، إذ جاء على لسان «جوش إيرنست» أنه «عندما يتعلق الأمر بالقيم الأميركية، فإنها هي التي قادت إلى الدعم المستمر لإسرائيل، كما أن القيم الأميركية ذاتها هي التي بنت القبة الحديدية التي توفر الحماية لإسرائيل وتدافع عن حياة عدد لا حد له من المواطنين الإسرائيليين». وبمعنى آخر، أنه إذا كان يحق لنتنياهو الدفاع عن حق اليهود في بناء منازل لهم في القدس الشرقية، إلا أنه ليس من حقه الحديث عن القيم الأميركية نيابة عن رئيس انتخبته غالبية الشعب الأميركي. حرب يوم عيد الفصح يتذكر الكاتب «سيفر بلوكر» بكثير من الحنين حرب عام 1973 التي دارت بين إسرائيل والجيشين المصري والسوري في مقال له بصحيفة «يديعوت أحرنوت» يوم الأحد الماضي، والأحداث التي رافقتها في إسرائيل، مشيراً إلى أنه رغم تعهدات ساسة إسرائيل بأنها ستكون الحرب الأخيرة مع العرب، يرى الكاتب أنه وفي ظل التطورات الجارية على الساحة ما زالت احتمالاتها قائمة، فبعد مرور كل هذه السنوات ونشوء جيل جديد من الإسرائيليين لم يختبروا حرباً كبيرة مع جيرانهم العرب، يقول الكاتب إنه لا تمر سنة دون مناوشات مع الفلسطينيين، بل حتى «حزب الله» الذي كانت آخر حرب معه في 2006 وانتهت لغير صالح إسرائيل وهو ما لاتزال خطورته ماثلة، ما يعني، يقول الكاتب، أن كل التقدم التكنولوجي والنضج الذي صاحبه في العقليات وطرائق التفكير لم يساهم في إبعاد شبح الحرب نهائياً، وليس لأن المنطقة ملتهبة وتعيش على صفيح ساخن بالنظر إلى ما يجري في الجوار من حروب وصراعات، وتنامي المد الديني المتشدد الذي يكتسح العراق وسوريا ويهدد بالتمدد إلى بلدان أخرى بجوار إسرائيل، بل أيضاً بسبب التغيرات داخل الساحة الإسرائيلية، فخلال حرب 1973، ورغم سيطرة حكومة جولدا مائير اليمينية على مقاليد الأمور كان اليسار الإسرائيلي حاضراً بقوة وله تأثير على الحياة السياسية، وهو الأمر الذي تفتقده إسرائيل حالياً، مع صعود «اليمين» وهيمنته على الساحة، ليزيد من التوتر في المنطقة واحتمالات تفجر الصراع. إعداد: زهير الكساب