في خضم الأزمات التي تحيط بالمنطقة والتي يفترض أن تكون سبباً للوصول إلى لغة توافق مع الجيران والأخوة، فإنه بين الحين والآخر يصدمك موقف غريب تكاد لا تتوقعه. ففي إحدى الصحف الإلكترونية التي كثيراً ما وصفت بأنها ضمن ما يسمونه «مرتزقة»، تم نشر مقال يدعي أنه في دولة الإمارات هناك تأثير «داعشي» على تفكير النشأ بسبب تقاليد يتبناها معلمون عرب في مدارس أجنبية. ونسي المقال أن يحدد بالضبط كم عدد هؤلاء، والغريب أن المقال لا يدرك من كتبه أن المعلمين يعرفون الضوابط، ولديهم ضمير يراقب عملهم قبل أن يكون المدير أو غيره. ومجتمع الامارات احتضن منذ سنوات طويلة كل الجنسيات من كل العالم، ولم يواجه مشكلة ممكن أن تنشأ منها مكونات مثل «داعش». هذه الهرطقات تعكس بالضرورة حالة من الإفلاس التي يبحث مروجوها عن أي شيء يمكن أن يُساء من خلاله إلى الدولة. ما يصدم في كل هذه الافتراءات أنها تأتي من مواقع لايمكن أن تتصور يوماً أن يأتي الغدر منها. فإنجازات الدولة وعلاقتها بمواطنيها لم تعط فرصة لأي خلايا أن تتمدد ولو بأفراد قليلة. لكن يبدو أن هناك من يميل إلى البحث عن أيه سلبيات، ودائماً يتجه هؤلاء المغرضون إلى المبالغة في أخبار الدولة التي ينظروا إليها بسلبية، ويعتبرونها فرصة للنقد، كهطول الأمطار، أو اندلاع حريق ما، فسرعان ما يضخمون الأمور، ويطرحونها كما لو كانت سبباً في هلاك المنطقة بأسرها، وذلك بدلاً من التركيز على الأحداث الإيجابية والريادية التي تتمتع بها الإمارات واعتبارها نموذجاً يُحتذى به، وتحول كل الأخبار إلى كوارث مفاجئة لا تعلم لها سبب. مثل هذه الإدعاءات التي تسعى إلى ترسيخ فكرة أن الدولة مثل غيرها لديها فرصة لنشأه مثل هذه الأفكار الهمجية، تعكس نفسية مريضة يرغب أصحابها في تعميم الظواهر، فلاشك أن المجتمع الإماراتي بعيد كل البعد عن الإرهاب والأفكار الإرهابية. ليتهم يبحثون في مواضيع تهم الشعوب وتعكس حاجاتهم ومستقبلهم، بدلاً من الانشغال بالدولة وحدها والبحث عما يثير القلق، الذي لا يقدم ولا يضيف شيئاً. واذا كان لديهم اصرار على الافتراء، فليذهبوا ويبحثوا في بلدانهم، وبالتأكيد غزارة الأحداث هناك ستكون بالنسبة لهم وجبة دسمة لموقعهم الالكتروني. لا ندعي الكمال أو المثالية، لكننا أعلم بمجتمعنا، وأعلم بما يدرسه أبناؤنا، ولسنا بحاجة الى وصاية من أحد أيا كان. والأهم هو كلما بعد أمثال هؤلاء عن محيط حياتنا اليومية، كلما كنا بخير، لكن يبدو أن القصص الوهمية منتشرة في كل مكان. نحن مشغولون بالاعتناء بهذا الوطن، والاهتمام بالحفاظ على نجاحه، وترسيخ أمنه الذي تحول إلى ظل ظليل للجميع دون استثناء ودون تميز ودون كثير مبالغات أو ثرثرة لا تثمن ولا تغني من جوع.