اتخذت إمارة أبوظبي خلال الأيام الماضية خطوة مهمة تجاه التحول إلى عصر الطاقة المتجددة، عبر منحها مجموعة من التراخيص لتوليد الطاقة الشمسية لعدد من المواقع التجريبية في الإمارة، وشملت هذه التراخيص بعض المدارس ودائرة القضاء في أبوظبي وحديقة الحيوان في العين. ووفق «مكتب التنظيم والرقابة»، المسؤول عن تنظيم قطاع المياه والصرف الصحي والكهرباء في الإمارة، تجري حالياً دراسة 28 طلباً للحصول على تراخيص أخرى، معظمها تخص مدارس. ولهذه الخطوة أهمية خاصة نحو تعميم استخدام الطاقة المتجددة كمصدر لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة للاستخدامات اليومية في الإمارة. وإلى جانب أن هذه الخطوة تمثل قيمة مضافة كبيرة لقطاع الطاقة المتجددة بإمارة أبوظبي، فهي ذات أهمية تنموية على قدر عالٍ من الأهمية، فهي: أولا، تفتح الباب أمام المؤسسات الخاصة وأصحاب المبادرات الفردية لاستخدام الطاقة المتجددة، وتمنحهم الفرصة لتأسيس البنية التحتية اللازمة لذلك، وهو ما يعود عليهم بالفائدة. فهو من الناحية الاقتصادية يخفض تكاليف الإنتاج في مؤسساتهم التي تصبح أقل احتياجاً للإنفاق على الطاقة، كما أن هذه الخطوة تساعد على انتشار استخدام التكنولوجيات المرتبطة بالطاقة المتجددة داخل تلك المؤسسات بما يؤدي إلى رفع كفاءة الأداء. ومن الناحية البيئية، يؤدي توسع المؤسسات الخاصة وأصحاب المبادرات الفردية في استخدام الطاقة المتجددة إلى تحسين البصمة البيئية المرتبطة بالأنشطة التي يقومون بها، ومن ثم تحسين البصمة البيئية للمجتمع ككل، وهو مطلب ملحّ بالنسبة إلى إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، نظراً لكونها واحدة من الدول التي تعاني ارتفاعاً كبيراً في نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ثانياً، من شأن حصول المدارس على تراخيص رسمية باستخدام الطاقة المتجددة أن يحدث ما يشبه الطفرة في المجتمع فيما يتعلق بنشر الوعي بأهمية الطاقة المتجددة واستخداماتها، فاستخدام الطاقة المتجددة في المدارس يمنح الفرصة للطلاب المنتمين إليها للاطلاع عن قرب وبشكل عملي على طرق استغلال الطاقة المتجددة والتكنولوجيات المستخدمة فيها، ويزيد وعيهم بأهمية هذه الطاقة وفوائدها عليهم وعلى مجتمعهم، وهو مطلب مهم بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة ككل، وآلية ذات دور فاعل في نشر استخدام الطاقة المتجددة في المجتمع، خصوصاً لدى تخرج هؤلاء الطلاب وانخراطهم في الحياة اليومية؛ فهي تربي النشء الإماراتي وتخلق ثقافة جديدة لدى أجيال المستقبل. ثالثاً، من شأن الخطوة الأخيرة أن تضيف إلى الخبرة الكبيرة التي تمتلكها إمارة أبوظبي في قطاع الطاقة المتجددة، وهي الإمارة التي تحتضن على أراضيها المدينة الأولى في العالم التي تعتمد كلياً على الطاقة المتجددة كمصدر لتوليد الكهرباء، وهي مدينة «مصدر»، وتستضيف المقر الدائم للمنظمة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، كما تمتلك العاصمة أبوظبي واحدة من كبريات محطات الطاقة الشمسية المركزة في العالم، وهي محطة «شمس 1». ليس هذا فحسب، بل إن إمارة أبوظبي، ومن خلال مؤسساتها المتخصصة في الطاقة المتجددة، تنفذ مشروعات عديدة لتوليد الكهرباء من خلال المصادر المتجددة في الدول المتقدمة، كبريطانيا وإسبانيا، في إطار حرصها على تبادل الخبرات مع هذه الدول المتقدمة في هذا المجال الحيوي. وتنفذ أبوظبي أيضاً مشروعات مماثلة في الدول الفقيرة، في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، من قبيل مساعدة هذه الدول على الاستفادة من تكنولوجيا الطاقة المتجددة، كجزء من الدعم التنموي لهذه الدول من أجل النهوض بالواقع المعيشي لسكانها. ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية،