حان وقت مهاجمة «داعش».. وشكوك في التزام روسيا بـ «معاهدة الصواريخ» هل هناك تساؤلات صعبة تطرحها المواجهة الأميركية لتنظيم «داعش»؟ وماذا عن الفجوة بين أقوال أوباما وأفعاله؟ وكيف تساعد واشنطن تونس في مواجهة الإرهاب؟ وهل انتهكت موسكو بنود معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى؟ وما هي الطريقة المثلى لوقف التدخل الروسي في أوكرانيا؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. خطوات ضد «داعش» تحت عنوان «مواجهة خطر داعش»، نشرت «نيويورك تايمز» أول أمس، افتتاحية رصدت في مستهلها مقولة لأوباما مفادها أن الوقت قد حان لبدء الهجوم على «داعش». الصحيفة اعتبرت مقولة أوباما تطورا مهما في الدور الأميركي. وما يحتاجه الرئيس الأميركي هو توضيح ما إذا كانت الضربات الجوية ضد «داعش»، تأتي ضمن استراتيجية أوسع نطاقاً، وكيف يتسنى لهذه الضربات النجاح، وكيف يتم تنفيذها دون أن يستفيد منها بشار الأسد الذي يتعرض لهجمات من «داعش» ومن قوات سُنية معارضة، وكيف تتجنب الولايات المتحدة خوض مستنقع عسكري جديد، إذا انخرطت أكثر في مسرح العمليات الحربية في العراق. وإذا لم يظهر تنظيم «داعش» كخطر إقليمي، فإن إدارة أوباما لم تكن لديها حجة قانونية للانخراط العسكري في سوريا. وحسب الصحيفة، منذ أغسطس الماضي، بدأت القوات الأميركية شن ضربات جوية ضد مقاتلي التنظيم داخل العراق، خاصة بعد انهيار وحدات من الجيش العراقي، وبعد أن استهدف التنظيم الأقليات العراقية، واستولى على سد الموصل وشكل تهديداً للأميركيين في مدينة أربيل، هذه التطورات وفرت على ما يبدو أرضية قانونية لشن ضربات جوية أميركية تلبية لنداء المساعدة الصادر من العراقيين وبسبب وجود أميركيين معرضين للخطر. ومنذ البداية، تعهد أوباما بأنه لن يشارك بقوات برية في العراق. وحسب الصحيفة لدى أوباما سلطة القيام بعمل عسكري حتى على الحدود السورية- العراقية إذا ما تبين- وفق معلومات استخباراتية- أن مقاتلي «داعش» متورطون في ذبح الصحفيين الأميركيين، أو إذا طلبت الحكومة العراقية من واشنطن حماية الحدود العراقية. وفي الوقت الذي يركز فيه معظم المحللين على العمل العسكري، فإن استراتيجية الإدارة الأميركية أكثر اتساعاً وتتضمن عناصر سياسية واقتصادية ودبلوماسية لها الأهمية ذاتها التي تحظى بها الخطوات العسكرية. وأول أمس أقر العراقيون حكومتهم الجديدة، وهي أكثر احتواءً، وضغطت واشنطن من أجل تشكيلها كي تضع حداً لانخراط السُنة الساخطين على الحكومة في صفوف «داعش». وتشير الصحيفة إلى خطط تهدف إلى تدشين قوة انتقالية يتم من خلالها دمج الميليشيات السُنية والشيعية في مؤسسة أمنية عراقية، إضافة إلى خطط أخرى لتدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة للاستفادة من الضربات الجوية على سوريا. أقوال أوباما وأفعاله وفي الموضوع ذاته، وتحت عنوان «كيف نعاقب داعش»، نشرت «لوس أنجلوس تايمز» يوم الخميس الماضي، افتتاحية، رأت خلالها أن أوباما وعد يوم الأربعاء الماضي بقتال التنظيم الإرهابي الذي ذبح الصحفيين الأميركيين، وتعهد بإضعاف التنظيم وتدميره. وإلى الآن لم يقرر أوباما شن غارات جوية ضد عناصر «داعش» في سوريا، ولا يزال معارضاً لإعادة نشر القوات الأميركية في العراق، علما بأنه أمر بغارات جوية في العراق وزاد من عدد القوات المعنية بحراسة بعض المنشآت الأميركية هناك. وتتساءل الصحيفة هل هناك فجوة بين أقوال أوباما وأفعاله؟ الإجابة لا، خاصة إذا قرأنا ما صرح به أوباما بشأن «داعش»، حيث اعتبرها في أحد المؤتمرات الصحفية «تهديداً وشيكاً للشعب العراقي وكافة المنطقة»، ويتطلب «استراتيجية عريضة وشاملة» وأيضا شراكة إقليمية. وفي الوقت الذي اعترف فيه بأن «البنتاجون» تدرس مجموعة من الخيارات، التي يُفترض أن من بينها شن غارات داخل سوريا، أشار إلى أنه لا يزال يفكر ملياً. صحيح أن الحوار المتسم بالحرص حول هذه المسألة يعكس درجة من المسؤولية، لكن أوباما قال «إلى الآن لم نضع استراتيجية»، مشيراً إلى قرارات تكتيكية محددة يمكن اتخاذها في المستقبل، وهذا ما سيستغله منتقدوه. أوباما حريص في تصرفاته، لكن يتعين أن يتحلى بالحرص ذاته في تصريحاته وكلماته. وإذا كان الرئيس الأميركي وضع إطاراً لاستراتيجية واسعة وشاملة تجاه سوريا تتضمن شراكة إقليمية، فإن هذه الخطوة لا تعني أن ثمة فجوة بين أقواله وأفعاله. نموذج للتقدم! وتحت عنوان «طريقة أخرى لهزيمة داعش»، نشرت «كريستيان ساينس مونيتور» أول أمس افتتاحية، استنتجت خلالها أن العرب إذا كانوا بحاجة إلى الالتفاف حول الولايات المتحدة من أجل تدمير «داعش»، فإنهم بحاجة إلى نموذج يرونه لتحقيق التقدم، وهذا النموذج يأتي- حسب الصحيفة- من تونس التي انطلق منها «الربيع العربي» عام 2011. وعلى الرغم من أن تونس تتعرض لعمليات إرهابية، فإنها بصدد انتخاب برلمان جديد في 26 أكتوبر المقبل، وستجري انتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد في 13 نوفمبر القادم. وحسب الصحيفة، أطلق رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة تصريحاً قال فيه: ما نريد بناءه هو نموذج مضاد لما يحاول الإرهابيون بناءه، كما ندد «جمعة» بمساعي الإرهابيين لعرقلة الانتخابات. وحسب الصحيفة، كافأ البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد تونس وقدم لها التمويل، زودت الولايات المتحدة تونس بمروحيات من طراز «بلاك هوك» وتجهيزات عسكرية أخرى لمساعدة التونسيين على مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تدخل تونس قادمة من الجزائر وليبيا، وفي يوم الاثنين الماضي، تم عقد مؤتمر للفرص الاستثمارية في تونس حضرته عشرات الدول. «معاهدة الصواريخ» يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «يتعين على روسيا الكشف عن انتهاكات محتملة في اتفاقية الصواريخ»، قالت «واشنطن بوست» إنه في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عمت أوروبا موجة من الخوف، لأن الاتحاد السوفييتي آنذاك نشر جيلاً جديداً من صواريخ متوسطة المدى تحمل رؤوساً نووية موجهة صوب أوروبا الغربية. حلف «الناتو» طلب التفاوض مع السوفييت، وفي الوقت نفسه نشر صواريخ نووية من طراز «بيرشينج-2»، وانطلق آنذاك سباق جديد للتسلح. الصحيفة تقول: في عام 1987 وقع ريجان وجورباتشوف اتفاقاً بمقتضاه تتم إزالة الأسلحة النووية من أوروبا، وهي المعاهدة الخاصة بالصواريخ النووية متوسطة المدى، وهي جيدة بالنسبة لأوروبا، سواء في الماضي، أو في الوقت الراهن، أي بعد مرور وقت طويل على نهاية الحرب الباردة. وحسب الصحيفة كان مقلقاً ما نشرته إدارة أوباما خلال الآونة الأخيرة عن انتهاكات روسيا لمعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. المعاهدة تمنع امتلاك أو إنتاج أو تجريب الصواريخ التي يصل مداها من 500 إلى 5500 كيلو متر أو إنتاج منصات إطلاقها. الأميركيون لم ينشروا تفاصيل الانتهاكات، ما يجعل من الصعب تقييمها، لكنها تتضمن تجارب صاروخية، ورد الروس على الاتهامات الأميركية بأنها مزاعم لا تستند لدليل. موسكو وواشنطن عبرتا عن رغبتهما في عقد محادثات جديدة للتعامل مع هذه القضية، وهو ما تراه الصحيفة طريقة مثلى للحل. ويتعين على روسيا التحلي بالشفافية وأن تكشف عن تجاربها الصاروخية، وعلى الولايات المتحدة أن تفصح لعامة الأميركيين عن طبيعة الانتهاكات، ولابد من التعامل معها بشكل واضح وصريح. الصحيفة ترى أننا عادة ما ننسى أن سباق التسلح إبان الحرب الباردة لم يكن فقط مجرد تنافس على حيازة أسلحة أكثر فتكاً وتدميراً وأكبر حجماً، بل كانت في الوقت ذاته سباقاً يتسم بعدم الثقة والخداع والتفسيرات الخاطئة. علماً بأن انعدام الثقة أخطر من أي شيء آخر. وإذا كانت ثمة ثغرات في المعاهدة بعد فترة طويلة من إبرامها، فإن الحل الأفضل هو معالجتها بصراحة، بدلاً من العودة إلى أجواء الخداع وانعدام الثقة التي سادت بما يكفي خلال المغامرة الروسية الطائشة في أوكرانيا. معاقبة روسيا كيف نضع بوتين في مكانه؟ تساؤل طرحته «لوس أنجلوس تايمز» يوم الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن أوكرانيا ليست عضواً في «الناتو»، وهذا هو السبب منع الولايات المتحدة من التدخل العسكري في الأزمة الأوكرانية، وجعلها ترفض تزويد كييف بالأسلحة. وإلى الآن تبدو الطريقة الأفضل لتغيير سلوك روسيا في أوكرانيا هي العقوبات الاقتصادية المؤلمة. وتصف الصحيفة التصريحات الروسية الداعية لممارسة ضغوط أميركية على أوكرانيا كي تتخلي الأخيرة عن مساعيها لهزيمة المتمردين في شرق أوكرانيا عسكرياً بالوقاحة الدبلوماسية! وفي الحقيقة أبدت الحكومة الأوكرانية، عزمها التفاوض على ترتيبات سياسية جديدة تضمن حكماً ذاتياً للمناطق الموالية لروسيا، لكن من غير المقبول التفاوض تحت حصار تفرضه قوات أجنبية. إعداد: طه حسيب