في دبي وأبوظبي، في الإمارات السعيدة يجد المتعبون الخائفون منتهى إراداتهم، ومربط خيامهم، ونهاية أحزانهم، مجتمع لا يقلق الآباء من أن يتحول أبناؤهم إلى أدوات ووسائل للإرهاب المحلي والدولي، ولا يتعاطف خطباؤه ولا دعاته ولا أساتذة الجامعات فيه ولا المعلمون مع القتلة والخوارج. هنا لا أحد يمتحنك على ما تؤمن به، ولا من يفتش عن خبايا ما أكنَّه صدرك، ويتلقّط كلماتك ويغوص في سياحة تمتد لسنوات لكي يعثر على جملة في مقالة أو كتاب أو تعليق على التلفزيون ليضلك بها أو يكفرك جراء قولك بها. في الإمارات تعيش الأمم والثقافات بسلام، بوئام، وباحترام. هنا في هذا البلد المسلم نجد أنفسنا قريبين من الله، سعداء بارتياد المساجد، جذلين بالاستماع إلى الأذان وجماله. في بقاع كثيرة من بلاد المسلمين، وفي بلاد العرب، يحبس الآباء أنفاسهم وترجف قلوب الأمهات خوفاً على أبنائهن من أن يعودوا آخر اليوم وقد انقلبوا رأساً على عقب، يغدون صباحاً أبرياء خماصاً من التكفير والغلو، ويروحون عشية وحوشاً بطاناً من الكراهية والتربص بسفك الدماء، شبقين حالمين بسبي النساء وإذلال كل آخر وقطع الأطراف وتعليق الرؤوس، وفي نهاية اليوم يمضي المحرض والمروج إلى بيته آمناً لا يسائله أحد ولا تحاسبه سلطة. المجتمع الذي لا يعرف محاضن للتطرف، ومجالس للتكفير، وعقد حلقات، وإقامة محاضرات وندوات لبيان ضلال المخالف، مثل هذا المجتمع لا يمكن أن يكون مناخاً صالحاً للتطرف. وفي البلد الذي تجعل قيادته من واجباتها الأولى أن يعيش المواطن وغيره إسلامه مرتاحاً آمناً غير قلق من أن ترصد تحركاته، غير وجل من أن يلقى التضييق والتمييز بسبب إسلامه أو سحنته أو لونه، وفي مجتمع تكون محاربة التطرف، وتحجيم رقعته، والتضييق على رموزه ومروجيه ودعاته هماً رئيساً للقائمين عليه، هذا هو المجتمع الجدير بأن يكون اليوم مهجر الغرباء وأرض أحلامهم. في الإمارات أنت آمن، وواثق من أن كل مسعى أو عبارة مغرضة أو أي محاولة لتجييش العواطف واستغلال البراءة لتجنيد المراهقين هي بالمرصاد. هنا في دار السلام، ليس على الحب ولا على التسامح ولا على عشاق الجمال والفن والهائمين في ملكوت الله وبديع صنعه خوف ولا ملام. هنا يمتزج الإسلام والفخر والتواضع والرحمة والحداثة والبداوة، والطموح الذي لا يتوقف نحو المستقبل، نحو الريادة واحتلال الصدارة. أنت هنا، في أرض الأمل والفأل في بلد الفرحة والابتسامة، في هذه البلاد يمكنك أن تنأى بنفسك بعيداً عن الخلق بين الجبال تناجي خالقك منفرداً به عن الأغيار وأنفاس الخلق، أو أن تستحيل شبحاً هائماً بين الرمال وعلى العيس تلفحك شمس الصحاري في الهجير، أو تداعبك نسائم النجود في ليالي السرار، بل إن تكون ظلاً بين النخيل والسواقي تستذكر كل عصور الآباء والأسلاف، وعلى مرمى حجر منك، تلقي نظرة إلى كل ما يمثل عالم الخيال، وكأنك في بلاد السندباد، وفي بلاد العجائب، كل يوم أنت في قصة، وكل عام أنت في دهشة، وكل شهر وكأن طريقك الذي اجتزته من قبل بدا وكأنه شبيه بهذا الذي أنت تعبره، ولكن كل ما تراه، وكل ما ترتاده، وكل ما سلب لبك وأسر قلبك وسحر عينيك، تقبع خلفه إرادة صادقة وعزيمة جبارة لقيادة آمنت دائماً أنك يمكنك أن تكون مسلماً صالحاً ومواطناً صالحاً، وإنساناً صالحاً.