بكلمات واضحة وصريحة قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية القومية والخاصة: «إن بعض التنظيمات والحركات والتيارات الإسلامية المتطرفة، والتي تسيء للعقيدة وتشوه الإسلام، تدفع بعض الشباب إلى الإلحاد، لأنها تحاول أن تثبت أن الدين الإسلامي لا يتناغم مع التطور، مما يساهم في وجود حالة من التشكيك والتخبط والقلق والارتباك، وهذا بدوره يدفع الشباب نحو الإلحاد». وعندما نتأمل هذه الكلمات التي جاءت في حديث الرئيس المصري وإشاراته الواضحة حول موضوع الإلحاد، نلاحظ مجموعة من النقاط المهمة: 1- أن استغلال الحركات والتيارات المتطرفة الإسلامَ لخدمة أهدافها وسياساتها أمر خطير على الدين والأمة الإسلامية، إذ نجد أن الزج بالإسلام في محرقة السياسة أحدث اضطراباً وفوضى في المنطقة كانت نتيجتهما ظهور جيل متمرد وكاره لهذا الدين، جيل أصبح يتجه إلى الإلحاد. 2 - أن هناك قوى خارجية عديدة تسعى بكل الوسائل لدعم مثل هذه الحركات والتيارات والتنظيمات المتطرفة، والتي تعمل على تشويه الدين الإسلامي حتى تسهل لأعدائه استغلال مثل هذه الممارسات المسيئة للإسلام، ليربطوا بينه وبين الإرهاب. وتقوم هذه القوى بذلك لكي تجعل الخائفين من مثل هذه الصورة يتمردون على ضوابط الدين وشريعته، وبالتالي يسقط الجميع في دائرة الإلحاد فيسهل بذلك تحقيق المخطط التآمري الخطير الذي يهدف لتدمير أمة القرآن. 3 - أنه على الرغم من سقوط الاتحاد السوفييتي، والنهاية المأساوية للأنظمة الماركسية، إلا أن هذا الأفيون الشرير الذي أخذ يسمم عقول الشعوب لم يسقط بل إنه أخذ يظهر مجدداً في العالم العربي، حيث ما زال البعض يشتاق إلى اعتناق مذهب الإلحاد، ويقع ضحية لهذا النمط الفكري المادي الذي كانت نتائجه وخيمة على الدول والأديان والعقول. إن انتشار الإلحاد في المجتمعات المسلمة يستدعي الانتباه إليه بدقة، حيث بدأت ظواهر التمرد على الدين واضحة بين قطاعات الشباب وبعض المثقفين. فالعديد من الملحدين اليوم يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم، ويعتمدون أساليب جديدة في الإساءة إلى الإسلام ومقدساته، ويطعنون في القرآن وثوابت الدين الإسلامي. ونجد ذلك واضحاً في صفحات مواقع الإنترنت، وفي بعض الفضائيات التي أصبحت تدعو صراحة إلى اعتناق الإلحاد، وتستضيف الملحدين. والأمر نفسه ينطبق على بعض مناهج التعليم الأجنبية التي تتعمد زرع الشكوك حول الدين في مضامينها، وتشيد بكتّاب عُرف عنهم ازدراؤهم للإسلام والسخرية من علمائه والطعن في ثوابته ورموزه. إن وضع الأمن الديني والروحي أصحب مقلقاً؛ ذلك أن الهجوم الواسع على الإسلام ونبيه الكريم والقرآن وعلماء الإسلام ورموزه، واستغلال الإسلام بهذه الصورة، أمر مخيف جداً، وينبغي التصدي له. العالم العربي منطقة ملتهبة، وهناك مخاوف من شيوع مثل هذا الأمر بشكل واسع. قديماً لم نكن نسمع عن مصطلح الإلحاد إلا على لسان من اعتنقوا الشيوعية أو بعض المذاهب الخارجة عن الأديان، أما الآن فإن هذا المصطلح أصبح مشاعاً، تستخدمه مجموعات من فئة الشباب، وبعض من يعتبرون أنفسهم مثقفين ومفكرين على امتداد الوطن العربي. والخطر هنا أن هذا المفهوم لم يعد فقط مصدر تهديد للأمن الديني والروحي، بل بات يرتبط بما يجري على أرض الواقع العربي من اضطرابات وأزمات سياسية خطيرة.