توتر على جبهة إسرائيل الشمالية.. وحقيقة أزمة الشرق الأوسط الاقتصادية هل يخشى «حزب الله اللبناني» خوض مواجهة أخرى ضد إسرائيل أم أنه مشغول في القتال إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا؟ وما هي التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الاضطرابات والحروب المندلعة في الشرق الأوسط؟ وهل يحتاج أوباما إلى تفويض من أجل إعلان الحرب على تنظيم «داعش» في العراق؟ وكيف تستثمر إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة؟ تساؤلات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية. انشغال «حزب الله» حذرت صحيفة «جورزاليم بوست» في افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي من تجاهل نُذُر القلق التي تلوح في شمال إسرائيل، لاسيما الاضطرابات والصراعات المهيمنة على الحدود مع لبنان وسوريا، وتركيز الانتباه في الوقت الراهن على الجنوب، مع استمرار جولات قصف الصواريخ من قبل «حماس» والمسلحين في قطاع غزة منذ سنوات إلى أن فقد الجيش الإسرائيلي قوة ردعه، بينما تسلحت الحركة بكل ما أوتيت من قوة. وقالت الصحيفة «إن الحكومة المركزية في سوريا لم يعد يمكنها الاضطلاع بمهام عملها، وبينما تسعى بيروت إلى محاولة إبراز دلالات على أنها تحتفظ بسيطرتها، لكن ربما لن تكون قوية أو بكفاءة كافية لأداء دورها». وأضافت «إنه خلال الأسابيع القليلة الماضية كان هناك شعور بالرضا عن النفس إزاء الردع المفترض ضد «حزب الله» منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، بيد أن هذا التقدير ربما يكون على أسس واهية؛ ذلك أن «حزب الله» الآن مشغول بالصراع في سوريا دفاعاً عن الأسد ضد المتمردين، وليس خائفاً من إسرائيل». وتابعت «على الرغم من أن حزب الله يتكبد خسائر فادحة لكنه في الوقت ذاته يعزز مخزوناته من الأسلحة ويحصل مقاتليه على خبرات قيمة في ميدان المعركة». وأوضحت أن «حزب الله» عدو منظم جيداً بدرجة أكبر من حركة «حماس»، ويتمتع بسيطرة أشد على قواته. وأكد أنه على عكس التوقعات في إسرائيل، لابد من عدم استبعاد حدوث ظروف تدفع «حزب الله»، سواء بالتعاون مع بشار الأسد أو من دونه، إلى أن يجد من الملائم له أن يقاتل إسرائيل بسبب اعتبارات سياسية داخلية. وأشار إلى أنه لابد من عدم الاستخفاف بأن أي تحرك فلسطيني على الحدود من شأنه أن يتحول إلى مواجهة، ولا أحد يمكن أن يتوقع من سيتورط فيها وبأي درجة. وأكد أن موقف إسرائيل الرسمي، لابد أن يرتكز على جذب الانتباه الدولي للمخاطر التي تطل من لبنان وسوريا. أزمة اقتصادية أكد الخبير الاقتصادي «نورمان بايلي» في مقال نشرته صحيفة «غلوبز» يوم الاثنين الماضي أن الانهيار الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو المشكلة الأشد خطراً على المدى الطويل، موضحاً أنه في غمرة الحروب الأهلية والإرهاب والحركات الانفصالية والعنف العرقي والطائفي وملايين الأشخاص النازحين، أصبح من السهل التغافل عن جوانب كثيرة للوضع في المنطقة، ستكون شديدة الخطورة أيضاً على المديين المتوسط والطويل. وقال «إن الوضع الاقتصادي يتصدر قائمة الموضوعات التي يتم التغاضي عنها، لا سيما أن كافة العوامل المذكورة لها تداعيات سلبية، وفي بعض الحالات كارثية، على اقتصاد المنطقة». وأضاف في بعض الدول مثل «ليبيا وسوريا، لم يعد هناك اقتصاد قومي؛ ذلك أن معظم الأصول المنتجة تعرضت للدمار أو الخراب على أيدي طرف أو آخر، وفي حالات مثل العراق ولبنان، على الرغم من وجود اقتصاد قومي ضئيل، لكنه في أيدي بعض التنظيمات السياسية أو الدينية أو العرقية كما هي الحال في ليبيا وسوريا. وأوضح أن السياحة تضررت بشكل كبير من جراء الاضطرابات التي تحدث في المنطقة، وهو أمر خطير بالنسبة لدول مثل تونس ومصر. ونوّه إلى أن أي انخفاض في الإيرادات سيكون مؤثراً بدرجة كبيرة على مصر، لأنها في حالة أزمة اقتصادية مزمنة منذ سنوات، وما لم يتم إجراء إصلاحات اقتصادية جوهرية، بما في ذلك إعادة هيكلة قطاع الزراعة وخفض الدعم والاستثمار في القطاعات التي لا تعتمد بدرجة كبيرة على التكنولوجيا، فإن النظرة الاقتصادية، وبالتالي السياسية والاجتماعية، ستكون قاتمة. الحرب على «داعش» أفاد الكاتب «سيث لبسكي» في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» يوم الأحد الماضي بأن الرئيس أوباما لا يحتاج إلى موافقة الكونجرس كي يعلن الحرب على مسلحي تنظيم «داعش»، ولكن حصوله على تفويض سيجعله أشد قوة، ليس فقط ضد العدو ولكن أيضاً في الداخل. وأوضح «لبسكي» أن السؤال المطروح الآن لماذا إذن ينبغي لأوباما أن يلجأ إلى الكونجرس كي يعلن الحرب ضد داعش في العراق، لا سيما أن التفويض باستخدام القوة العسكرية لا يزال سارياً. وأشار إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان الكونجرس سيعترض على التدخل العسكري ضد «داعش» مثلما فعل عندما أراد أوباما التدخل في سوريا قبل عام ونصف العام، خصوصاً أن التنظيم متورط في عمليات قتل جماعي وقطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي، ويتوعد بشن حرب ضد البيت الأبيض. ولفت إلى أن جرائم التنظيم توقظ السياسيين الأميركيين، إذ حذر وزير الدفاع الأميركي من أن «داعش» بات أكبر من أي تهديد واجهته الولايات المتحدة، بينما اعتبر الجنرال مارتين دمبسي أن هناك ضرورة لهزيمة التنظيم، لكن من يتولى دفة القيادة لابد أن يكون الرئيس. واعتبر أن هذا سيكون اختباراً مهماً أمام الرئيس أوباماً، ويمكنه أن يحاول استغلال التفويض باستخدام القوة العسكرية الذي تم تشريعه في عام 2002 من أجل حرب العراق دون اللجوء إلى الكونجرس لكنه عارض علانية فعل ذلك. ونوّه بأن أوباما تفادى في عام 2011 أي لجوء إلى الكونجرس فيما يتعلق بالحملة الجوية التي أفضت إلى الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، وهو ما كان خطأ ليس لأن الدستور يقتضي إعلان الحرب، ولكن لأن إعلانها هو أفضل أساس للالتزام في الحرب، ويمنح أي رئيس اليد العليا ليس فقط في مواجهة العدو، ولكن على صعيد السياسة الداخلية. حرب غزة دعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي الإسرائيليين إلى ألا تخدعهم مظاهر التفاخر بالانتصار في شوارع غزة، لكن على إسرائيل أن تبقى قوية في مطالبها، وعلى رئيس وزرائها أن يجري مراجعة شاملة لما حدث على مدى أيام الحرب الخمسين. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يشعر بالرضا عن أدائه في الحرب، لا سيما أنه بعد أقل من أسبوع من تجدد القتال إثر هدنة الأيام الخمسة التي رعتها مصر، ومن دون تدخل بري جديد، سلمت «حماس» ووافقت على وقف إطلاق النار المبدئي الذي اقترحه المصريون، وفق الخطة التي كانت قد تلقتها قبل أن ترسل إسرائيل قواتها البرية لاجتياح قطاع غزة. وزعم أن «حماس» لم تحصل على بنود الاتفاق التي كان يمكنها الظفر بها قبل ثمانية أيام عندما انتهكت وقف إطلاق النار في المرة الأخيرة، وفي المقابل لم تتخل إسرائيل عن أي شيء، وإنما وافقت على وقف إطلاق النار الذي صدق عليه مجلس الوزراء في منتصف يوليو، بعد أيام قليلة من بدء عملية «الجرف الصامد». واعتبرت أن حركة «حماس» تعرضت لأذى شديد، لا سيما تدمير قدراتها العسكرية، إضافة إلى ما يزيد على ألف من مقاتليها، في حين خسرت إسرائيل 68 معظمهم جنود. ولفتت إلى أن وقف إطلاق النار غير محدد المدة الذي بدأ سريانه مساء الثلاثاء الماضي يعتبر انتصاراً تكتيكياً لإسرائيل، لكنه لا يضمن تهدئة طويلة ومستقرة، إذ أن «حماس»، التي سعت لإبرام الاتفاق وتوسلت من أجله، معروفة بانتهاكاتها المنهجية لعمليات وقف إطلاق النار، ورغبتها في سفك دماء الإسرائيليين أكثر من بقائها أو الاهتمام بالفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها. وفيما يبدو أنه تناقض، ذكرت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية أبلت بلاء حسناً بطلب أن يكون وقف إطلاق النار لشهر على الأقل، قبل بدء مناقشة مطالب «حماس» ومطالب إسرائيل المضادة. وقالت «حتى عندما تبدأ المفاوضات لابد أن نكون مستعدين لمحاولة حماس الضغط علينا لقبول مطالبها بتجديد هجماتها». ونوّهت إلى أن تحرك الولايات المتحدة نحو إصدار قرار من مجلس الأمن من شأنه تعزيز وقف إطلاق النار وفق القانون الدولي، وذكر متطلبات نزع السلاح التي تطالب بها إسرائيل أمر ضروري ويخدم المساعي الإسرائيلية. إعداد: وائل بدران