تعاني كاليفورنيا موجة طويلة من الجفاف، هي ليست أسوأ موجة جفاف تشهدها الولايات المتحدة، لكنها بالطبع الأسوأ بالنسبة للولاية التي تضم عشرات الملايين من السكان، وتحتوي على جزء كبير من الإنتاج الزراعي للولايات المتحدة. وهناك بعض الإشارات إلى أن هذا ربما يكون الوضع الطبيعي الجديد – ليس فقط بسبب الاحتباس الحراري، كما قد تكونوا قرأتم من قبل، ولكن أيضاً لأن الحالة الطبيعية في كاليفورنيا هي «جفاف فوق العادة». يقول أحد الخبراء في مقابلة مع «توم فيلبوت» من مجلة «الأم جونز» إن القرن العشرين، الذي شهد صعود كاليفورنيا كقوة زراعية، كان حقبة رطبة على غير العادة بالنسبة لهذه الولاية. ومجرد العودة إلى «الوضع الطبيعي» فإن ذلك سيعني انخفاض كميات المياه بنسبة 15 بالمائة - في حين أن الولاية في نمو مستمر. وهذا لا يعني أن كاليفورنيا ستصبح صحراء غير مأهولة، تملؤها آثار الدمار المبعثرة هنا وهناك بفعل الرياح، والتي تقدم شهادة صامتة وعاتبة على غطرسة الإنسان. فكاليفورنيا لديها ما يكفي من المياه لتلبية احتياجات ما لديها من نمو سكاني كبير – إذا استقطعت جزءاً كبيراً من هذه الزراعة. وربما تكون حتى قادرة على دعم معظم هذه الزراعة - إذا بدأ الناس في الرحيل. والمشكلة، أنها لن تتمكن من دعم الزراعة والسكان معا ما لم تعد الأمطار للهطول أو أن تجد وسيلة مبتكرة لإعادة تدوير مياه الشرب من البحر. وفي أسوأ السيناريوهات، فإن أموالي التي أنفقها على الزراعة تخسر، وذلك بفضل تحفيز جماعات الضغط، لكن عدد السكان ببساطة يفوق عدد هذه الجماعات. فما الذي سينتج عن تخفيض حجم الإنتاج الزراعي في كاليفورنيا – وفي السكان كذلك، إنها مسألة تستحق التفكير. في كل مرة أزور كاليفورنيا، أشعر أنني مصدوم مجدداً بسبب طعامها المدهش. ويرجع جزء من جودته إلى العدد الهائل من المهاجرين إليها والعدد الهائل من المطاعم التي يبيعون فيها أطباقهم الوطنية. ولكن في رأيي، فإن العنصر الأكثر أهمية يرجع ببساطة إلى المكونات المحلية عالية الجودة، والتي تتوفر على مدار السنة، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية. وهناك أسباب وراء ظهور حركة الاهتمام بتناول الطعام المنتج محلياً على الساحل الغربي - وبقائها هناك في الأغلب، وفي أشكالها الأكثر تقليدية. إنني أعرف عدداً قليلاً من الأشخاص على الساحل الشرقي والذين قرروا الاعتماد على الغذاء المُنتج محلياً. وقد استمر التزامهم بهذا الأمر، في المعدل، لأقل من شهر واحد بعد أن أغلق سوق المزارعين في فصل الخريف. فمن الأسهل الإقلاع عن تناول الشوكولاتة أكثر من الالتزام بفترة مدتها سبعة أشهر تعيش أثناءها على الخضراوات المعبأة منزلياً والفواكه المحفوظة في محلول سكري وحفنة من الخضراوات الجذرية. وإذا كان من الضروري تقليص حجم الزراعة في كاليفورنيا، فإن التأثير الأول والأكثر وضوحاً هو أن نوعية الغذاء ستنخفض إلى تلك النوعية التي تحصل عليها في منطقة حضرية كبرى في الولايات الواقعة بمنطقة وسط المحيط الأطلسي، وإن ظلت نوعاً ما على الأقل أفضل منها. أما التأثير الثاني الواضح فهو سيكون علينا: إن معظم المنتجات في السوبر ماركت ستصبح أكثر تكلفة بشكل كبير، خاصة خلال فصل الشتاء. أما منطقة الغرب الأوسط فبإمكانها أن تتولى هذه المسؤولية خلال فصل الصيف، بينما ستعوض الصادرات من جنوب أميركا بعض الفرق المتبقي، لكن معظمنا سيعتمد كثيراً على الفواكه والخضراوات المحفوظة، وقليلاً على المنتجات الطازجة. وهذا ليس بالأمر السيئ تماماً - فأنا في الواقع أفضل الفواكه المحفوظة للطهي، لأن يتم قطافها وحفظها وهي يانعة، بدلاً من المنتجات الطازجة التي يتم جنيها وهي خضراء وتظل على أرفف المتاجر حتى يصيبها التلف. غير أن هذا سيحدث تأثيراً كبيراً في الطريقة التي يطهي بها الكثير منا. إنها أيضاً قد توسع الفجوة بين الطريقة التي تأكل بها الطبقة الوسطى العليا وما وراءها، والطريقة التي يأكل بها بقية السكان في البلاد. وبالطبع، فإنني آمل ألا يصل الأمر إلى ذلك، وأتمنى أن تتمكن إدارة حكيمة للمياه وزيادة تساقط الثلوج على جبال «سييرا» أن تنقذ غذاءنا الطازج لعقود طويلة قادمة. ولكن إذا حدث غير ذلك، فلن يضير أن نجد بعض الوصفات التي تستخدم الخضراوات المحفوظة. ومن ناحية أخرى، أوردت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية خبراً يُفيد بأن ولاية كاليفورنيا الأميركية تشهد أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام. فمنذ بداية فصل الصيف، يتزايد الجفاف في كاليفورنيا. وبحسب عمليات المسح الأخيرة، فإن ما يقرب من 80 بالمائة من أراضي الولاية الأميركية أصبحت في ظروف «جفاف شديد». وتؤثر هذه الموجة الاستثنائية من الجفاف على جزء من ولاية كاليفورنيا الشمالية والجزء الأوسط بأكمله من الأراضي وكذلك المدن الساحلية. كما امتد الجفاف إلى مقاطعتي فينتورا ولوس انجلوس. وارتفعت حصة كاليفورنيا التي تعتبر في حالة «جفاف استثنائي» من 25 إلى 33 بالمائة في شهر يونيو. وأشار الخبراء إلى أنه من المتوقع أن تستمر درجات الحرارة الأعلى من معدلاتها خلال الأشهر القادمة. وبالتالي، اتخذت المدن إجراءات لتشجيع المواطنين على توفير المياه. ------ ميجان ماك أردل كاتب أميركي متخصص في الاقتصاد ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»