تُعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر دولة مستثمرة في صناعة السياحة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وواحدة من الدول الأولى عالمياً في هذا المجال أيضاً، حيث تشير تقديرات «مجلس السياحة والسفر العالمي» إلى أن استثماراتها في هذا القطاع تبلغ نحو 41,5 مليار درهم (11,3 مليار دولار) سنوياً، وقد ساعدها ذلك على تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية والتنموية على مدار العقود الماضية. ومن بين النتائج المهمة في هذا الشأن هو تصنيف الإمارات ضمن أفضل 10 وجهات سياحية بالنسبة إلى السياحة العائلية بين دول «منظمة التعاون الإسلامي» لعام 2014، وهو التصنيف الصادر مؤخراً عن موقع «كريسنت ريتنج»، ولم يسبقها في التصنيف إلا دولة واحدة هي ماليزيا. يدل هذا الإنجاز على مدى تقدم صناعة السياحة العائلية وتطورها في دولة الإمارات العربية المتحدة مقارنة بمنافسيها حول العالم، حيث يعتمد التصنيف المذكور على عدد من المعايير التي تبرز بوضوح أن تفوقها هذا هو تفوق حقيقي ونوعي، أهمها: مدى تناسب الوجهة السياحية مع متطلبات العطلات العائلية، ومستوى الخدمات والتسهيلات التي توفرها الدول المعنية للمسافرين المسلمين، هذا بالإضافة إلى مدى توافر البنى التحتية والمبادرات الخاصة بالتسوق العائلي في تلك الدول، وتؤكد دولة الإمارات بتمكنها من الوفاء بهذه المعايير أنها حققت تقدماً كبيراً في إدراك العديد من الأهداف المتعلقة بالقطاع السياحي وبالاقتصاد الوطني في العموم. فعلى صعيد الأهداف السياحية، فهذا التصنيف يؤكد أنها وضعت اسمها بقوة على خريطة السياحة العائلية والإسلامية، وجعلت اسمها علامة مميزة في أعين المراقبين والمتابعين على مستوى العالم في هذا المجال. وفي الإطار الأوسع، فإن هذا التصنيف المتقدم يؤكد أنها ماضية في طريقها نحو تأصيل موقعها كوجهة سياحية عالمية، تنافس الوجهات السياحية الأولى في العالم، كفرنسا وإسبانيا وبريطانيا ومنطقة شرق آسيا، بعد أن أصبح منتجها السياحي منتجاً متنوعاً وثرياً يرضي جميع الأذواق. وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة بتفوقها هذا تؤكد أن قطاعها السياحي يثبت يوماً بعد يوم أنه قادر على تطوير نفسه ذاتياً، سواء تعلق الأمر بالقدرة الاستيعابية أو بنوعية المنتج، والاضطلاع بدور أكبر كأحد محفزات النمو الكلي في الاقتصاد الوطني، وكإحدى آليات تنويع مصادر الدخل الوطني، وتشير البيانات إلى أن هذا القطاع يعدّ الآن بالفعل مصدراً أساسياً للدخل في الاقتصاد الوطني، إذ تزيد نسبة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي على 10%، وهو ما يعتبر تحقيقاً عملياً لأحد أهم أهداف الخطط والرؤى المستقبلية لدولة الإمارات العربية المتحدة، الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، كآلية لتحقيق التنمية المستدامة. وفضلاً عن ذلك، فإن توسع أنشطة قطاع السياحة وتنوعها يمثلان عاملاً محفزاً للطلب على عنصر العمل وتوليد فرص التوظيف الجديدة، سواء في داخل القطاع ذاته أو في القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى المرتبطة به، وهو ما يمثل أداة مهمة في يد الاقتصاد الوطني لمواجهة أي تحدٍّ متعلق بمشكلة البطالة. في النهاية، وضمن الأهداف المتحققة على المستوى الكلي، على إثر هذا التصنيف المتقدم للإمارات، هو تأكيدها أنها ماضية في طريقها نحو جعل اقتصادها مركزاً لأنشطة الاقتصاد الإسلامي على مستوى العالم، إذ تتوافر فيها البنى التحتية والتكنولوجية والمرافق والأطر التشريعية التي توفر البيئة المثالية لممارسة الأنشطة الاقتصادية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، التي تمثل السياحة الإسلامية أحد أهم أشكالها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية