يشير العديد من الدراسات إلى عدم توافق مؤهلات مخرجات التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة مع متطلبات سوق العمل، الأمر الذي يُسهم في ارتفاع معدلات البطالة، على الرغم من انخفاض البطالة في الدولة مقارنة بباقي الدول العربية التي يتجاوز فيها معدل البطالة 17%. ولا يتعدى معدل البطالة في الإمارات 4,2% وفقاً للبيانات الصادرة عن «صندوق النقد العربي»، وبرغم انخفاضه عن المتوسط العالمي البالغ 5,9%، فإن دولة الإمارات تعاني بشكل عام ارتفاع نسبة العاطلين بين فئة المواطنين، فوفقاً للجنة التوطين التابعة «للمجلس الوطني الاتحادي»، تصل نسبة البطالة بين المواطنين الإماراتيين إلى نحو 13%، ويصل عدد المواطنين العاطلين إلى نحو 40 ألفاً، من إجمالي 300 ألف مواطن قادر على العمل في الدولة. وتعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على اتخاذ الإجراءات والمبادرات اللازمة لتحسين مخرجات التعليم، من أجل خلق حالة من التوافق بين هذه المخرجات من جانب واحتياجات سوق العمل من جانب آخر، من أجل امتصاص رصيد البطالة الناتج عن وجود فجوة بين هذين الجانبين، وتسعى الدولة إلى تطوير القطاع التعليمي ليكون قادراً على تحقيق هذا الهدف، فقد نفذت مؤسسات تعليمية عدة في الدولة العديد من المبادرات في هذا الإطار، ومن بين هذه المبادرات ذلك الاستبيان الذي أجراه «مجلس أبوظبي للتعليم» في وقت سابق، لاستطلاع آراء المؤسسات والشركات وأصحاب العمل حول مخرجات التعليم في إمارة أبوظبي، والتعرف إلى أكثر الخبرات والمهن طلباً من طرفهم، وذلك في إطار تحركات الإمارة والدولة للارتقاء بجودة التعليم وتأهيل الخريجين، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل. كما أعد المجلس دراسة تحليلية تم عرضها خلال «المؤتمر السنوي للتعليم» الذي نظمه «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» في عام 2013، تهدف إلى إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة المتوافقة مع متطلبات سوق العمل، واحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية انسجاماً مع «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي». وفي الإطار ذاته تعاونت دولة الإمارات العربية المتحدة مع «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» في إجراء دراسة لتقييم مهارات الطلبة خريجي السنة النهائية في الجامعات، لا يقتصر تطبيقها على الإمارات فقط، بل تُستخدم لتقييم جودة خريجي التعليم العالي في جميع الدول المشاركة في البرنامج، لتحديد مستوى المعارف التي يمتلكونها، ومدى تلاؤم ذلك مع متطلبات سوق العمل القائم على المعرفة والتكنولوجيا. إلا أنه من الضروري إدراك أن عبء تحسين مخرجات التعليم، لا يقع على كاهل المؤسسات التعليمية فقط، فمؤسسات قطاع الأعمال على اختلاف تخصصاتها مطالبة بالمشاركة، من خلال تأهيل كوادرها وتدريبهم على المهارات وطرق العمل والإنتاج الجديدة، ويمكنها إتاحة الفرصة لطلاب الجامعات للحصول على هذا التدريب، كما هو متبع في العديد من الدول المتقدمة، إذ تقوم مؤسسات قطاع الأعمال بالتنسيق بين الجامعات على تدريب الطلاب على المهارات المطلوبة في سوق العمل، لكي يكونوا قادرين على الانخراط بشكل مباشر في هذا السوق لدى تخرجهم. ويمكن لتلك المؤسسات تقديم الدعم المادي أيضاً للمؤسسات التعليمية لإيجاد برامج ومساقات تعليمية تتوافق مع احتياجات سوق العمل، بما يضمن تخريج كوادر بشرية مؤهلة للعمل في الفرص الوظيفية التي توفرها تلك المؤسسات، ويوفر على الخريجين الكثير من الجهد والوقت لإيجاد فرص عمل مناسبة، وعلى المؤسسات ذاتها تكلفة البحث عن كوادر مؤهلة، وبما يخدم أهداف المجتمع كله في نهاية المطاف. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية