مطالبة برفع الحصار عن غزة.. ومهمة أميركية جديدة في العراق ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة ضمن التسوية المنشودة، ودعوات في فرنسا لتوفير حماية دولية للفلسطينيين، وتوجيه الولايات المتحدة ضربة جوية لتنظيم «داعش»، موضوعات استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية. غزة: رفع الحصار نشرت صحيفة لوموند افتتاحية تحت عنوان: «يتعين رفع الحصار عن غزة» قالت فيها إنه طالما أن سكان قطاع غزة لا يجدون أمامهم أي أمل أو أفق للتنمية فإن أي وقف لإطلاق النار لن يزيد على كونه استراحة محارب، لا أكثر، قبل عودة الصراع إلى الاحتدام من جديد، في أي وقت ولأي سبب. وتساءلت الصحيفة، ابتداءً، والآن؟ ها هو حريق الحرب الثالثة في غزة يأتي على الأخضر واليابس في فترة لا تتجاوز خمس سنوات فقط، وها هي الحرب الثالثة هذه توشك على الانقضاء دون أن تتكشّف عن أي منتصر كان! وفي الحصيلة المأساوية يأتي بطبيعة الحال عدد الضحايا الفلسطينيين كارثياً، إذ وصل حوالي 1900 شخص، 80% منهم مدنيون عزل، بحسب الأمم المتحدة، وفوق ذلك 9000 جريح، وما بين 4 إلى 6 مليارات دولار من الخسائر المادية. كما أن حركة «حماس» لم تتوقف أيضاً طيلة الـ28 يوماً التي امتد فيها الصراع الطاحن عن إطلاق المقذوفات على الإسرائيليين، هذا على رغم رفع نتنياهو هدف القضاء على قدرات الحركة في إطلاق الصواريخ كمبرر مزعوم للعدوان على غزة! وتذهب الصحيفة إلى أن أقصى ما حققته إسرائيل هو ادعاؤها تدمير ثلث مخزون «حماس» من الصواريخ، الذي يقدر في مجمله بما لا يقل عن 9000 من المقذوفات، هذا فضلاً عن إطلاق ثلث آخر على إسرائيل نفسها خلال فترة المواجهة الأخيرة. كما ادعت تل أبيب أيضاً أنها قد تمكنت من تدمير قرابة 30 من الأنفاق التي تؤرقها، وتخشى أن يتم استخدامها للتسلل بهدف مهاجمة قواتها، أو تهريب السلاح إلى القطاع. وفي المقابل تكبد جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضاً خسائر بشرية مرتفعة نسبياً حيث قتل 64 جندياً إسرائيلياً خلال العدوان الأخير، وهو رقم أكثر من حصيلة العدوان الإسرائيلي السابق على قطاع غزة. وهذا دليل على ارتفاع أداء وقوة الجناح المسلح من الحركة خلال الفترة الماضية، بعكس الهدف الذي فرض نتنياهو من أجله الحصار الخانق على القطاع أصلاً، بدعوى منع وصول الأسلحة وكل ما من شأنه دعم قدرات المسلحين في غزة. وبالتوازي مع المفاوضات الجارية في القاهرة من أجل التوصل إلى تهدئة أو هدنة يخشى كثير من المراقبين أن تعيد دوامة الصراع نفسها من جديد، بحيث تتحول الهدنة إلى نوع من الإعداد والاستعداد لاندلاع العنف مرة أخرى بين الجانبين كما وقع في الحالات السابقة. ولعل من العجيب حقاً بعد كل هذا العنف والعدوان والخراب الناتج عنه أن تردد الآن أصوات في إسرائيل قائلة إن «المهمة لم تنجز»، في نبرة تحريض يمينية متطرفة، وكأن قطاع غزة كله يمكن التخلص منه برميه في عرض البحر الأبيض المتوسط! والأكثر ترويعاً من ذلك أن هذه الروح التبريرية للعدوان والعنف التي تكذِّب جدواها مجريات الصراع، تكتسح قطاعات واسعة من الرأي العام الإسرائيلي، الذي يعميه الشعور بفرط القوة والتفوق التقني، على نحو أفقده القدرة على التفكير بطريقة سليمة أو واقعية تجاه المسألة الفلسطينية. واعتبرت لوموند أن منطق القوة والعنف بات هو الخطاب السائد في إسرائيل حيث يزداد فيها تنفذ الجيش، ويتعاظم ويتفاقم انفلاته من سيطرة المستوى السياسي، وقد باتت المبادرة بالعدوان إجراء عادياً وتلقائياً، ودون أدنى تفكير أو مرور بمرحلة البحث عن حلول أو تسويات سياسية مع الطرف الآخر. وقد بلغ عمى القوة بقادة جيش الاحتلال مرحلة باتوا يتصورون معها أن السلام هو ما يتم فرضه بالرصاص دون قيد أو شرط، ومن غير حاجة إلى عمل سياسي أو تفاهم من أي نوع. ولكن في المقابل، يجد سكان قطاع غزة أنفسهم في حال ليس لديهم ما يخسرونه فيه، وهذا ما قد يدفع للاستماع للخطاب العبثي لحركة «حماس» الذي يزعم القدرة على معاقبة عدو غير مرئي، قابع هناك خلف بواباته الإلكترونية، ورغبته المتناهية في العدوان. وفي الأخير ترى الصحيفة أن عرض نتنياهو وقف العدوان مقابل عودة التهدئة يبدو غير كافٍ في حد ذاته، وذلك لأن أي حل جاد هو وحده ما يسمح بالخروج من هذه الحلقة المفرغة المتكررة من العدوان والرد التي عرفتها صراعات غزة وإسرائيل منذ الانسحاب الإسرائيلي من القطاع في سنة 2005. والحل الحقيقي الوحيد القادر على إنهاء عبثية حلقة الصراعات المتجددة هذه هو الشروع في مفاوضات جادة لرفع الحصار عن القطاع، وفتح أفق أمل وحياة وتنمية حقيقي أمام سكان غزة. وقضية الرفع الكامل للحصار ينبغي أن تكون هي الرهان الحقيقي في مفاوضات القاهرة الراهنة، على أن تتلو ذلك مباشرة انطلاقة واسعة لورشة إعادة الإعمار، للتغلب على الآثار المدمرة الناجمة عن العدوان. حق الحماية الدولية وفي سياق متصل نشرت المحامية علياء عون مقالاً آخر في لوموند أيضاً تحت عنوان: «ماذا ينتظر الفلسطينيون قبل الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية؟» استعرضت فيه دواعي متابعة المحتلين الإسرائيليين أمام القضاء الدولي، مبرزة إيداع محام فرنسي شكوى بهذا الغرض بتاريخ 25 يوليو الماضي. كما نشرت أيضاً صحيفة «ليبراسيون» قصة خبرية عن معاناة أطفال غزة جراء العدوان الذي كانوا في مقدمة المتضررين منه، هذا في حين نشرت صحيفة «لومانيتيه» عريضة وقع عليها عدد كبير من المثقفين والسياسيين تدعو لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني في وجه اعتداءات جيش الاحتلال المتكررة. وأكدت ديباجة العريضة أن أي ناشط إنساني لا يمكن أن يقف متفرجاً أو عديم الحساسية تجاه ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر خامس أقوى جيش في العالم، وهو يمعن في استهداف المدنيين ويقتل الأطفال على الشاطئ ويتعمد قنص النساء والرجال المدنيين المسالمين، ويقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، ويسوِّي بالأرض أحياء سكنية كاملة، ولم يتوقف يوماً عن الاعتداء على سكان قطاع غزة المحاصر والمقفل بكيفية حولته إلى «سجن بسقف مفتوح» يحتجز فيه جميع السكان المدنيين. ونقل «بيير باربانسي» مراسل الصحيفة الخاص من عين المكان صوراً فاجعة من معاناة السكان المدنيين الفلسطينيين، مؤكداً أن السكوت لم يعد خياراً ممكناً، إذ لابد من الضغط على الحكومات الأوروبية لأنها تستطيع فعل الكثير لوقف هذه الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين. واستعرضت الصحيفة في الأخير حجم التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في مختلف عواصم الغرب والشرق مبرزة موقف الرأي العام الدولي الذي يزداد وعيه بحجم معاناة الفلسطينيين، بقدر ما يزداد رفضه ونبذه أيضاً لممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي. ضربة جوية لـ«داعش» نشرت صحيفة لوفيغارو مقالاً عن أسباب ومبررات الضربة الجوية الأخيرة التي وجهها الجيش الأميركي لبعض مواقع مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف اختصاراً باسم «داعش»، وقد أكد مراسل الصحيفة في واشنطن أن عودة الولايات المتحدة للانخراط في مهمة جديدة في العراق فرضها حجم التحدي الذي يواجهه ذلك البلد مع تفاقم خطورة «داعش» واستيلائه على مناطق واسعة في كل من بلاد الرافدين وسوريا، وقد برر الرئيس أوباما هذه العودة إلى العراق بعد مرور ثلاث سنوات على سحب القوات الأميركية من هناك، بواجب حماية المنشآت والأفراد الأميركيين الموجودين في المنطقة، وكذلك أيضاً حماية السكان المدنيين، وخاصة من الأقليات الدينية، الذين يستهدفهم مسلحو التنظيم الإرهابي، ويسعون لاستئصال وجودهم من الأساس. كما كلف أوباما أيضاً البنتاجون بإلقاء مساعدات غذائية وإنسانية للمدنيين المهجرين على رؤوس الجبال الفارين من بطش «داعش» وخاصة من أبناء الطائفة اليزيدية، الذين يواجهون خطر القتل، ويلجأ الآن قرابة 40 ألفاً منهم في جبال «سنجار». وفي التفاصيل أورد المراسل بعض حيثيات الضربة الأميركية لبطاريات مدفعية تابعة لتنظيم «داعش»، يوم أول من أمس الجمعة، وهي أهداف تقع على خط المواجهة مع القوات الكردية المدافعة عن مدينة إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق. كما فصّل الكاتب أيضاً في نوعية وطبيعة المساعدات التي أسقطها الطيران الأميركي على المهجّرين في الجبال. وفي الأخير ذهبت الصحيفة إلى أن هذا التدخل قد يدفع بواشنطن مع مرور الوقت إلى مزيد من الانخراط في الصراع إلى جانب الحكومة المركزية في العراق، التي تستبطن عليها مآخذ كثيرة، وإن كانت ستستمر أيضاً في الدفع بقوة في اتجاه تشكيل حكومة وطنية توافقية تشمل كافة المكونات الدينية والمذهبية في العراق. إعداد: حسن ولد المختار