قدمت مجموعة من «الديمقراطيين» تشريعاً لحماية عمال «الورديات» من ذوي الدخول المنخفضة من التغييرات التي تحدث في الدقائق الأخيرة في جداول نوباتهم. وتلائم هذه الفكرة فئة من النشاط الاقتصادي لا تحاول نقل العمال منخفضي الدخول خارج دائرة الفقر بالضرورة، لكنها فقط تحاول أن تجعل حياتهم أقل تعاسة. والآفاق الضعيفة لهذه الحملة تقول الكثير عن اللحظة الراهنة في السياسة الأميركية. هذا الاقتراح طرحته منظمة «كلاسب» في واشنطن، التي تُركز على إيجاد سياسات لمساعدة أصحاب الدخول المنخفضة. وتشمل الحملات الأخرى التي قامت بها مؤخراً حملة لتوفير الإجازات المرضية مدفوعة الأجر للمزيد من العمال وأخرى لتوفير إجازة عائلية مدفوعة الأجر. وهناك ثلاثة أشياء تربط هذه الأفكار معاً. الأول هو تواضع رواتبهم: بالمقارنة مع ارتفاع الحد الأدنى للأجور، على سبيل المثال، أو القواعد التي تجعل من السهل بالنسبة للعمال الأميركيين الانضمام للنقابات، أو منح الأم الجديدة أسابيع قليلة من الإجازة مدفوعة الأجر (والممولة جزئياً من أجرها الخاص). أما القاسم المشترك الثاني فهو نداء إلى مصالح أصحاب العمل. فهذه الحملات تؤكد أن لا أحد يريد أن تقدم له خدمة بوساطة نادل يعاني التهاباً بالشعب الهوائية، وأن الآباء الذين يحصلون على إجازة مدفوعة الأجر هم الأقل رغبة في تقديم استقالتهم، وأن عمال النوبات سيؤدون عملهم بطريقة أفضل إذا كان لديهم وقت لإيجاد جليسة أطفال. وعلى الرغم من ذلك، هناك قاسم مشترك ثالث: ليس من المرجح أن تذهب أي من هذه الأفكار لأي مكان في أي وقت قريب، على الأقل فيدراليا. (هذه التدابير حققت تقدما في عدد قليل من أكثر المدن والولايات الأميركية كآبة). التشريع المقترح هذا الأسبوع بالنسبة لعمال النوبات لم يجد أي رعاة «جمهوريين»، وقد أحيل مشروع الإجازة العائلية الذي قدمته السيناتورة «الديمقراطية» كريستين جيليبراند، عن ولاية نيويورك، إلى لجنة المالية، حيث لم يحدث أي شيء. والجواب السريع على ذلك هو، مهلاً، هذه هي واشنطن، لاشيء يذهب إلى أي مكان. لكن الأزمة السياسية لاتفسر عزوف الشركات عن الوقوف وراء هذه الأفكار أو دفع «الديمقراطيين»، وكما أشار جيمس سوريفيكي الأسبوع الماضي في مجلة «نيويوركر»، إلى أن ذلك ليس دائماً هو الحال: «لقد لعب أقطاب الصناعة دوراً محورياً في الحركة التقدمية، والعمل مع النقابات، ودعم قوانين تعويض العمال وقوانين عمالة الأطفال والدفع في كثير من الأحيان لإصدار المزيد من اللوائح الحكومية. ولم يكن هذا إيثاراً، كما يظهر التحليل الكلاسيكي للمؤرخ جيمس واينشتاين، فهذه الإصلاحات كان القصد منها تجنب المزيد من التدابير الجذرية، ومع ذلك، فقد أحدثت تقدماً ملموساً في حياة العمال العاديين. كما أنها تنبع من اعتقاد عملي بأن قوة الرأسمالية برمتها اعتمدت على توزيع واسع لثمار هذا النظام، فهل هذه الديناميكية - الحافز لمجموعات العمل لتوجيه الضغط لإحداث تغيير اجتماعي في اتجاهات مقبولة - ما زالت هناك؟ يرى سوريفيكي أنها ليست كذلك، مشيراً إلى أن مبيعات الأجانب المتزايدة تعني أن حالة الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة تعير القليل من الاهتمام لأرباح الشركات، في حين أن تراجع الاشتراكية كأيديولوجية جاذبة قد قضى على التطرف في حركات الإصلاح الشعبية. ويشير سوريفيكي إلى أن المطالب غير المتطرفة التي تطالب بها بعض الجماعات مثل «كلاسب» - التي ترفع شعار «عاملونا بشكل معتدل وأفضل!»، هي مطالب صحيحة. لقد كان متوسط دخل الأسرة في عام 2012 أقل بنسبة 9 بالمائة مما كان عليه عام 1999. وهناك سبعة ملايين عامل أميركي يعملون بدوام جزئي، ويرغبون في العمل بدوام كامل. ومن ناحية أخرى، فإن استحقاقات التقاعد الشحيحة التي تقدمها الشركات هي بمثابة كارثة معلقة. كما أن واحداً من بين عشرة عمال يحصل على إجازة عائلية مدفوعة الأجر من رب العمل. ورغم ذلك، فإن أرباح الشركات بلغت أعلى مستوياتها خلال 85 عاما على الأقل. وإذا استمرت هذه الاتجاهات، قد ينظر «اليمين» الأميركي إلى الوراء للضغط من أجل ظروف عمل أفضل قليلاً باعتبارها حلاً وسطاً مفيداً، كان يجب عليهم أن يتبنوه، بدلاً من المحاربة من أجل كل طلب وتأجيج المطالب الشعبية للعلاجات الأقل استرضائية – مثل الحصول على ضرائب شركات أعلى، أو أن يبلغ الحد الأدنى للأجر 15 دولاراً في الساعة بدلاً من 10.10 دولار، والذي سيكون له تأثير مزعج على الاقتصاد. وكما كتب جيري مولر، أستاذ التاريخ في الجامعة الكاثوليكية، والذي يدرس تاريخ الرأسمالية، العام الماضي: إنّ لم يكن شيء آخر، فإن المصلحة الذاتية المستنيرة لهؤلاء الذين يستفيدون من العيش في مجتمع من الديناميكا الرأسمالية ستجعلهم يعترفون بأنه من غير الحكمة مقاومة التخلي عن بعض مكاسبهم السوقية لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي مستمر. وقد تشعر الشركات وغيرها من الجماعات المحافظة بالراحة في تجاهل هذه النداءات الآن. وأفضل حل لتلك المشاكل يتمثل في وجود سوق عمل أقوى، وهو الأمر الذي لا يمكن تشريعه أو فرضه. لكن هذا سبب واه لعدم الاستفادة من الإصلاحات الأكثر تواضعاً في هذه الأثناء. ـ ـ ـ ـ كريستوفر فلافيل كاتب أميركي متخصص في القضايا الاجتماعية ـ ـ ـ ـ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»