لا رابح في حرب غزة.. وحان وقت التفاوض مع «عباس» دعوة لتقوية «عباس» كي يصبح أكثر تأثيراً في حركة «حماس»، وحديث عن جهود إيرانية لإنقاذ «حماس» من الإفلاس مقابل شن هجمات على إسرائيل، وترجيح لاستخدام القوة ضد خطر الصواريخ الفلسطينية، وطرفا الصراع خسرا في حرب غزة.. موضوعات هي الأبرز في الصحافة الإسرائيلية هذا الأسبوع. تقوية «عباس» أول أمس الخميس، وتحت عنوان «حان الوقت لاستئناف المفاوضات مع عباس»، نشرت «هآرتس» افتتاحية استنتجت خلالها أن الشيء الوحيد الذي أثبتت أحداث الشهر الماضي أهميته، هو أن مستقبل إسرائيل يُعد أكثر أهمية من الاعتبارات التي تتبناها التحالفات السياسية، والتي من خلالها تضمن الأحزاب والتكتلات بقاءها على الساحة. وحسب الصحيفة، فإنه قبل ثلاثة أشهر، أعلن نتنياهو أنه أنهى محادثاته مع السلطة الفلسطينية بسبب اتفاق المصالحة المبرم بين حركة «فتح» وحركة «حماس». هذا الاتفاق يعد شأناً فلسطينياً داخلياً، وربما يؤدي تفعيله إلى تعزيز فرص السلام، لكن على العكس نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى المصالحة كدليل على أن عباس ليس هو الشريك المناسب لمفاوضات السلام. نتنياهو يكرر خطأه مرتين، فبدلاً من أن يستخدم المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية أو حكومة الوحدة الوطنية التي تجمع بين «فتح» و«حماس» في جعل قادة «حماس» ينضوون في العملية الدبلوماسية التفاوضية، فضلت تل أبيب أن تزج بأنفها في المسألة، وأنهت مبادرة السلام التي روّج لها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وأضعفت عباس. وقدمت الصحيفة دلائل على أهمية عباس ودوره القيادي الإيجابي، فهو ألقى كلمة أمام وزراء خارجية جامعة الدول العربية أدان فيها اختطاف المراهقين الإسرائيليين الثلاثة، وحاول الوساطة بين «حماس» وتل أبيب لوقف إطلاق النار بين الطرفين، كما أن هدوءه جعل الضفة الغربية تنعم بهدوء نسبي خلال أيام القصف الإسرائيلي على غزة، كل هذا يثبت أن عباس شريك في عملية السلام. الصحيفة نوّهت إلى استطلاع رأي أجرته خلال الآونة الأخيرة، ومن نتائجه أن 77 في المئة من عامة الإسرائيليين مقتنعون بأداء نتنياهو أثناء العمليات العسكرية الأخيرة في قطاع غزة. واللافت في الاستطلاع هو موقف الإسرائيليين من عباس، حيث 53 في المئة منهم يرغبون في أن تعمل إسرائيل على تعزيز مكانة عباس واستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، علماً بأن 37 في المئة يرفضون ذلك. ويتعين على نتنياهو أن يتخذ قراراً شجاعاً، فعلى الرغم من وجود تحالف «يميني» رافض للسلام في مقدمته وزير الخارجية «أفيجدور ليبرمان» ووزير الاقتصاد «نفتالي بينيت»، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي ينبغي له اغتنام الفرصة والعودة إلى طاولة المفاوضات، وحان الوقت لتعزيز سلطة عباس كي يصبح قادراً على التأثير في «حماس». أموال إيران يوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان «إيران أنقذت حماس من الإفلاس»، نشرت «يديعوت أحرونوت» مقالاً لـ «يارون فريدمان»، استنتج خلاله أن الحركة ضحت بالفلسطينيين في غزة في معركة ضد إسرائيل، كي تحصل على أموال وأسلحة من إيران. المدنيون في القطاع يدفعون ثمناً باهظاً، ورغم اتهامهم إسرائيل بالمسؤولية عما يتعرضون له من دمار، فإنهم- حسب الكاتب- يعرفون جيداً أن «حماس» تضحي بهم من أجل أهدافها. والسؤال الآن إذا كانت هزيمة الحركة مؤكدة فلماذا رفضت الهدنة التي اقترحتها مصر؟ الإجابة المنطقية يمكن العثور عليها في إيران. وحسب الكاتب، تبذل طهران جهوداً في السنوات الأخيرة لنشر المذهب الشيعي في قطاع غزة، لكنها لم تنجح في ذلك. وفي ظل الثورة السورية وما نجم عنها من محاور سنية وشيعية، ومعاناة الحركة من عزلة سياسية واقتصادية، خاصة بعد تطورات المشهد المصري ووصول السيسي إلى السلطة، لم يعد أمام «حماس» أي خيار سوى العودة مجدداً إلى التحالف مع إيران. كما أن التضييق على المساعدات القطرية القادمة للقطاع، وفشل الإيرانيين في مواصلة تحويل الأموال لـ«حماس» أجبرا الحركة على فعل أي شيء كي تظل على قيد الحياة. وكان لدى إيران قلق من أن «المقاومة» ستنتهي نتيجة انخراط «حزب الله» في الساحة السورية، وبدأت تبحث عن طريقة لاستئناف الأنشطة الإرهابية ضد إسرائيل، والطريقة الوحيدة أمام «حماس» كي تستمر، تمثلت في قبول المطلب الإيراني باستئناف القتال ضد إسرائيل. الحركة تضحي بالمقيمين في القطاع من أجل تسلّم أموال وأسلحة من إيران وتظل محتفظة بمكانتها بين التيارات الإسلامية، أي أن الحرب التي قتلت فلسطيني القطاع أنقذت «حماس» من الإفلاس ومن فقدان السيطرة على غزة. القوة هي الحل تحت عنوان «القوة في مواجهة الصواريخ»، نشرت «جيروزاليم بوست» يوم الاثنين الماضي، مقالاً لـ«إيزاك ليفي»، قال في مستهله إن هناك من يسعى إلى طردنا من هذا المكان باستخدام الصواريخ والأنفاق، والسؤال المطروح كم هو عدد الجنود الإسرائيليين الذين يقدمون تضحيات كي يعيش الإسرائيليون في سلام. إسرائيل- حسب «ليفي»- هي البلد الوحيد في العالم الذي يستيقظ شعبه كل صباح متسائلاً: من الذي يحاول إزالتنا من على وجه الأرض؟ الإرهابيون أناس لا ينبغي التفاوض معهم، والعالم الغربي يتفهم ذلك، ويعرب الكاتب عن دهشته من الجهود التي يبذلها أوباما ووزير خارجيته لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، وهو ما يراه دعماً لأعداء إسرائيل التي تعتبرها واشنطن أفضل أصدقائها في الشرق الأوسط. ويتساءل الكاتب ما هو رد فعل أوباما إذا ما حاولت إسرائيل الضغط على الولايات المتحدة كي توقف إطلاق النار ضد تنظيم «القاعدة» الذي ألحق الضرر والدمار بمعظم المدن الأميركية. ويطالب «ليفي» باستخدام القوة لحماية العائلات الإسرائيلية. خسارة للطرفين «في بعض الحروب تطال الخسارة جميع الأطراف»، هكذا عنون «ناحوم بارينبا» مقاله المنشور أول أمس الخميس في «يديعوت أحرونوت»، متوصلاً إلى قناعة مفادها أنه رغم المزايا العسكرية الضخمة الموجودة لدى الجيش الإسرائيلي، ورغم الوسائل الاستخباراتية المتطورة، فإنه من الصعب عليه دحر عدة آلاف من المقاتلين. الكاتب يرى أن «جيش الدفاع» الإسرائيلي ترك وراءه في غزة شعوراً مريراً بالإحباط، وهذا الأخير سمة مشتركة للمقاتلين الإسرائيليين الذين خاضوا الحرب في غزة، والأمر نفسه ينطبق على المقيمين في جنوب إسرائيل، هؤلاء يطمحون إلى نهاية واضحة لا لبس فيها، وإنجاز يزيل التهديد من على حدود إسرائيل مرة واحدة وإلى الأبد. هذا الهدف ربما يتحقق في المستقبل. الكاتب أثنى على العمليات العسكرية في غزة، لكنه يشير إلى غياب ما يضمن تحقيق هذا الهدف. خلال السنوات الثماني الأخيرة، خاضت إسرائيل 4 عمليات عسكرية ضد الإرهاب، منها الحرب على لبنان في 2006، وعملية «الرصاص المسكوب» عام 2009 وحرب غزة عام 2012 والمواجهات العسكرية الأخيرة في القطاع يوليو 2014، هذه العمليات كانت لها سمة مشتركة ألا وهي أن ثمة فجوة كبيرة بين التوقعات والنتائج. الحديث عن مكاسب وخسائر كل طرف في الحرب الأخيرة أمر معقد، وإذا كانت تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية صحيحة، فإن «حماس» قد تكون استدرجت إلى الحرب رغما عن إرادتها، فشبكة الأنفاق المبنية غير جاهزة و«القبة الحديدية» هزمت ما بحوزة «حماس» من ترسانة صاروخية، ولم تحقق الهجمات الصاروخية سوى نتائج محدودة. لكن «حماس» ترى أن لديها روح الصمود والقتال، ولم يُصب أي من قادتها بأذى، ولم تفقد الحركة سلطتها في غزة، وهذا ما تعتبره الحركة إنجازاً واضحاً في صراعها مع جيش متطور أرسل وحداته العسكرية لتخوض حرباً ضدها. الكاتب يرى أن إسرائيل شنت عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة من دون أن يكون لديها رؤية استراتيجية، وخرجت منها دون أية خطة استراتيجية، كما أنه لم تطلق أي مبادرات في السنوات التي تفصل بين حرب وأخرى، ولم تبادر بشيء أثناء القتال. ويبدو أن هناك هوة سحيقة بين الصراعات العسكرية والمباريات الرياضية، في الرياضة عادة ما يكون هناك فائز وخاسر، أما في الحرب فقد يتعرض كلا الطرفين للخسارة. إعداد: طه حسيب