الإمارات اليوم في خطوة تستهدف تطوير منظومة التعليم المهني في دولة الإمارات العربية المتحدة، والارتقاء بمخرجاتها بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، أنشأت الهيئة الوطنية للمؤهلات، مؤخراً، «مجلس اعتماد ومنح المؤهلات المهنية وتطوير نظام تصنيف الجهات المانحة للمؤهلات»، حيث سيعهد إلى المجلس الجديد إدارة قطاع التعليم والتدريب المهني في دولة الإمارات العربية المتحدة، ووضع وتطبيق سياسات وأنظمة وضوابط تنظم نشاطات وممارسات ومسؤوليات مؤسسات التعليم والتدريب المهني، وهذا الأمر لاشك سيكون له أثره الإيجابي في ضبط عملية منح المؤهلات والارتقاء بجودة خدمات التعليم والتدريب المهني. وإحدى أهم إيجابيات المجلس الجديد أنه سيأخذ في الاعتبار حاجة المؤسسات المختلفة من المهن، وذلك من خلال تشكيل لجان متخصصة لتطوير المعايير المهنية للوظائف في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهذا أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية لأنه سيربط بشكل عملي وتطبيقي بين متطلبات سوق العمل، ومنظومة التعليم المهني. لا شك في أن التعليم المهني لم يعد مجرد خيار تعليمي، بل تجاوز هذا المفهوم التقليدي ليصبح بالفعل ركيزة حيوية للتنمية الشاملة، كما أنه من دون تطوير التعليم المهني والارتقاء بمخرجاته ستظل هناك صعوبة في تنفيذ سياسات التوطين في الإمارات، وتكفي الإشارة هنا إلى الإحصاءات الرسمية التي تتحدث عن تراجع معدلات التوطين في القطاع الخاص في السنوات القليلة الماضية، فحسب الإحصاءات الصادرة عن «المركز الوطني للإحصاء» فإن عدد المواطنين الذين يعملون في القطاع الخاص بلغ في أول يناير 2012 نحو 0,5% من إجمالي عدد العاملين الذي يصل إلى 3,89 مليون عامل، وهي نسبة متدنية للغاية لا تعكس حجم الجهود والمبادرات التي تبذلها الحكومة من أجل إنجاح سياسات التوطين، ورفع القدرة التنافسية للمواطنين للعمل في القطاع الخاص. إن إنشاء «مجلس اعتماد للمؤهلات المهنية» خطوة نوعية تنطوي على مردودات إيجابية: أولها، الارتقاء بمنظومة التعليم المهني في الإمارات، وهذا أمر سينعكس على تنافسية سوق العمل، لأن التعليم والتدريب المهني هو القناة التي يمكن للمواطنين من خلالها تحصيل الخبرات العلمية والمهنية وتعلم المهارات التي تمكنهم بداية من المنافسة بقوة في أسواق العمل وزيادة إمكانات فوزهم بفرص العمل التي تتطلب مهارات وخبرات من نوع خاص، لا تتوافر إلا لفئة محدودة من الباحثين عن عمل. ثانيها، أن تطوير التعليم المهني ضرورة تنموية، وخاصة لمواكبة خطط الإمارات نحو بناء قاعدة صناعية كبيرة والتوسّع في خصخصة العديد من القطاعات المهمة التي أصبحت تتطلب عمالة مهنية ماهرة، وخريجو معاهد ومراكز التأهيل المهني والفني في الدولة، وبما يتلقونه من تدريب وتأهيل، يشكلون رافداً مهماً لإمداد المؤسسات الصناعية باحتياجاتها من الموارد البشرية المدربة عملياً. ثالثها، أن التعليم المهني يستجيب لحاجة تربوية ومهمة، وهي استيعاب شريحة من الشباب الذين تتناسب مجالات الدراسة التطبيقية مع قدراتهم واهتماماتهم، فضلاً عن شريحة أخرى من الشباب حالت الظروف دون تكملة دراستهم، ولذا توفر معاهد ومراكز التأهيل والتدريب المهني الفرصة أمام هؤلاء للانخراط في سوق العمل. وهذا يفسر اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بهذه النوعية من التعليم وإنشاء العديد من المعاهد والمراكز المتخصصة في مجال التعليم المهني والفني، كـ«مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني»، الذي أنشئ في عام 2010 بمبادرة من المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي ليتولى الإشراف على التعليم والتدريب التقني والمهني في الإمارة، بهدف زيادة أعداد الإماراتيين الشباب من ذوي الكفاءات العاملين في وظائف مجزية تتيح لهم فرص التعلم المستمر والتطور المهني والشخصي المتواصل. ------------- عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.