الاستجابة الواسعة من قبل المواطنين والمقيمين والمؤسسات التجارية وغير ذلك من منظمات المجتمع المدني لإنجاح حملة «سقيا الإمارات» لنحو أكثر من 5 ملايين إنسان على كوكب الأرض وبزمن قياسي، أفضت إلى دلالات ومعان عميقة على الصُّعُد: الوطني والدولي والإنساني. فرغم أن الفترة الزمنية الممتدة من الأول من رمضان الجاري، عند إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي-رعاه الله- مبادرة سقيا الإمارات، وحتى الاثنين الماضي، تعد فترة قصيرة نسبياً، فإن حجم قيمة المساهمات في هذه الحملة حقق ما يفوق التصور، وقفز إلى مراحل متقدمة وصلت إلى 83 في المئة من الهدف العام، حيث نجحت الحملة حتى الاثنين في جمع 103.252 مليون درهم، لسقيا 4.130 مليون إنسان في الدول النامية. ولعل من أبرز الدلالات والمعاني التي خرجت بها مبادرة سقيا الإمارات على الصعيد الوطني، أنها برهنت على مدى التلاحم والترابط والانسجام المتبادل بين القيادة الرشيدة والشعب الوفي، وبخاصة نحو قضية إنسانية، ليس شعبنا هو الشعب المعني بها وحسب، بل جميع شعوب العالم وفي المقدمة منها شعوب البلدان المانحة وذات الاقتصادات الناشئة والقوية نسبياً، لكن عندما بادرت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، هب الناس كلهم لندائها للمساهمة بالتبرعات وتشكلت الوفود واللجان والشركات الاستشارية وبدأت الزيارات الرسمية استعداداً لحفر الآبار وتوفير المضخات وتزويد المناطق المحتاجة بأدوات تنقية المياه، وهو أمر يفسر طبيعة المشاعر الإنسانية النبيلة التي تعيشها دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة الإنسانية وقيادتها الرشيدة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- الذي رسخ النهج الإنساني كنظام مؤسسي في عموم المجتمع، نحو دعم جميع الشعوب والجماعات التي تعاني الصراعات والكوارث واللجوء الإنساني وغير ذلك. وفضلا عن ذلك، فإن ما انطوت عليه هذه المبادرة الإنسانية عابرة الحدود وما تحقق من استجابة لها، يفسر إلى حد بعيد أسرار نجاح مشاريع التنمية المستدامة على مدى أربعة قرون من الزمن، بشكل فاق التصور من اختزال الزمن وسرعة الإنجاز وارتفاع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي لتصبح دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول المتقدمة في العالم من حيث متانة الاقتصاد المتنوع والبنى التحتية ورفاهية الشعوب وسعادتها. دلالة أخرى حملتها هذه المبادرة تتمثل في الانشغال الإنساني لدى قيادة الدولة نحو معاناة عدد من شعوب الأرض جرّاء الحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية والفقر والمرض وغير ذلك مثل الجهل والتخلف، وليس أخيراً مشكلة ندرة المياه التي باتت كابوساً يهدد بكارثة موت ملايين الناس، وبخاصة أولئك الذين يئنون تحت سطوة الجفاف الذي ضرب أجزاء واسعة من أراضيهم، حيث تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أنه في كل 21 ثانية يموت طفل بسبب مرض متصل بالمياه، وأن أكثر من 3.4 مليون شخص يموتون سنوياً نتيجة الأمراض المتصلة بالمياه والعطش. ------------ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.