عندما وقفت خلف الستار وأمامي ورقة الانتخاب وبها صورتا المشير السيسي والصحفي حمدين، لم أتردد في وضع علامة صح على اسم الأول رغم احترامي للثاني. قبلها بيوم واحد كتبت مقالي الأسبوعي بصحيفة «المصري اليوم» تحت عنوان «أولويات يوم جلوس الرئيس». لقد انتخبت وعيني على الوقت الضيق المتاح أمام المصريين وأشقائهم العرب للعمل على شفاء مصر من أمراض قديمة ورثتها عن حكم ما قبل ثورة يناير 2011 وأمراض حديثة استجدت عليها بفعل الثورة وتفاعلاتها ومضاعفاتها. أعتقد أن ساسة ومفكري دول شبه الجزيرة العربية، وهي أكثر الأقطار استقراراً، أصبحوا على دراية كافية بالنتائج الوخيمة التي تصيب المنطقة العربية إذا ما تفاقمت أمراض مصر. وبالتالي فإني أعتقد أن جلوس المشير على مقعد الرئاسة المصرية سيمنح مصر وأشقاءها فرصة إعداد فريق من كبار خبراء وأطباء أمراض الأمن والاقتصاد والفكر المتطرف والمجتمع على وجه السرعة، لوضع روشتة شفاء مصر وتعافيها. لقد تحدث المشير عن اطمئنانه إلى أن الأشقاء العرب مستعدون لمشروع إنقاذ مصر برؤية ثاقبة للمصالح والعواطف المشتركة، على غرار مشروع مارشال الذي أعاد بناء اقتصاد ألمانيا وأوروبا الذي هدمته الحرب العالمية الثانية وفظائع حكم هتلر النازي. إن الرؤية التي حكمت هذا المشروع هي تجفيف منابع الأمراض السياسية والفكرية والاجتماعية على الضفة الأوروبية للمحيط الأطلسي لكي تسلم أميركا على الضفة الأخرى من المحيط نفسه. إن المصريين يشعرون بالامتنان العميق للمساندة التي يبديها قادة كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت لدعم الاقتصاد المصري وتعزيز قوة جيش الكنانة، الدرع الحاضرة لضمان أمن مصر الوطني والأمن القومي العربي. إن برامج التنمية العديدة التي اقترحها المشير السيسي تمثل المخرج الوحيد المتاح من أمراض التكدس السكاني في وادي النيل الضيق وأمراض الفقر التي تفتح الباب أمام أصحاب الفكر المتطرف لتجنيد الشباب وأمراض البطالة وتهميش الملايين وإهمال أبسط حقوقهم في الحياة، وهي الأمراض القديمة التي أدت إلى اندماج الملايين في صيحة ثورة يناير 2011. إن مهام الرئيس الجديد يمكن تلخيصها في المصطلح الشامل (الأمن القومي)، فهو مصطلح يشمل تجفيف أنشطة الجريمة والإرهاب، كما يتضمن تهيئة حياة المجتمع الاقتصادية والخدمية والدينية والثقافية لنهضة حضارية شاملة، يحتل فيها التدين المعتدل مكانته السامية. في تقديري، أن السيسي هو الأقدر على الوفاء بهذه المهام بحكم صلاته القوية بقادة دول شبه الجزيرة العربية، وبحكم قدراته المجربة في الإدارة العليا، وبحكم إدراكه لحقيقة أن الشفاء من أمراض الفوضى الثورية الجديدة، يتحقق بشفاء مصر من أمراضها القديمة.