اقتراح بمعاقبة السلطة الفلسطينية..وابتزاز عاطفي لزيادة الميزانية العسكرية ماذا عن اقتراحات «المنظمة الصهيونية» حول معاقبة السلطة الفلسطينية بعد اتفاقها مع «حماس»؟ وهل هدد نتنياهو وزيرة العدل الإسرائيلية بالإقالة بعد لقائها عباس في لندن؟ وكيف ينتهج وزير الدفاع الإسرائيلي سياسة الابتزاز العاطفي لزيادة الميزانية العسكرية؟ وهل تجاوزت منظمة «جي ستريت» الخطوط الحمراء كحركة موالية للدولة العبرية في أميركا؟ تساؤلات محورية نتطرق إلى إجاباتها في إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية. ما بعد «الفشل» تحت عنوان «بعدما توقفت المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، ما الذي ينبغي فعله الآن؟»، نشرت «جيروزاليم بوست»، يوم الاثنين الماضي مقالاً لـ «مورتون إيه كلاين»، استهله بالقول إن مهمتنا الآن المساعدة في تحويل السجال من لوم إسرائيل بسبب جهود السلام المثيرة للإحباط، إلى محاسبة الفلسطينيين على رفضهم الاعتراف بالدولة اليهودية، ورفضهم إحلال السلام معها. «كلاين» وهو رئيس المنظمة الصهيونية في الولايات المتحدة، أشار إلى أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وزعيم حركة «فتح»، قد أبرم مع حركة «حماس» اتفاقاً للمصالحة، علماً بأن «حماس» تدعو في المادة الخامسة من ميثاقها إلى تدمير إسرائيل، وإلى قتل اليهود، وفق المادة السابعة من الميثاق ذاته. ومن خلال الاتفاق المبرم بين «حماس» و«فتح»، تكون عملية التفاوض مع تل أبيب قد انتهت، وتصبح السلطة الفلسطينية منتهكة لاتفاقات أوسلو التي بموجبها تمتنع السلطة الفلسطينية عن تشكيل أية تحالفات مع المجموعات الإرهابية. ووفق هذه التطورات، ما الذي يتعين على الأميركيين الموالين لإسرائيل فعله؟ المشهد الراهن يشي بأن السلطة الفلسطينية ليست لديها مصلحة حقيقية في إحلال السلام، ومن ثم يمكن المطالبة من جديد بوقف كامل للمساعدات الأميركية الموجهة للسلطة الفلسطينية، كي تلتزم بما ورد في اتفاقات أوسلو. الكاتب يرى أنه منذ عشرين عاماً، والسلطة الفلسطينية تنتهك بنود «أوسلو» التي تستوجب تجريم وتفكيك التنظيمات الإرهابية والقبض على الإرهابيين وترحيلهم ومصادرة الأسلحة غير القانونية، ومنع التحريض على الكراهية والقتل في وسائل الإعلام المملوكة للسلطة، وكذلك في المدارس والمساجد. وبغض النظر عن اعتراف السلطة الفلسطينية رسمياً بإسرائيل، فإنه لا حركة «فتح» ولا «حماس» تقبل بإسرائيل، فما بالكم بالقبول بدولة يهودية. الكاتب اقتبس تصريحات للرئيس الفلسطيني مفادها أن «حماس ولا فتح ولا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ملزمة بالاعتراف بإسرائيل، ومحمود دحلان- حسب الكاتب- قال إننا نطلب من حماس ألا تعترف بإسرائيل، لأن حركة فتح لم تعترف إلى الآن بها، وهذا ما يسفر كون الخرائط والأطالس المدرسية في مدارس السلطة الفلسطينية تضع اسم فلسطين بدلاً من إسرائيل. الكاتب يقول إن على السلطة الفلسطينية الاختيار بين الحصول على مساعدات سنوية أميركية تصل قيمتها إلى 600 مليون دولار، أو تصبح أشبه بنظام يدعم الإرهاب، أو تفعل الأمرين معاً. ويرى «كلاين» أن السلطة الفلسطينية سبق لها في عام 2000 وفي 2008 رفض عروض تمكنها من إعلان الدولة الفلسطينية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين الأميركيين يروجون لتفسير خاص بهم لفشل الجولة الأخيرة من مفاوضات السلام، تتمثل في أن السبب لا يقتصر على رفض الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، أو رفض التحريض ومحاربة الإرهابيين، بل أيضاً بسبب رفض تل أبيب وقف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وهو تفسير يراه الكاتب قائماً على قراءة مضللة عن عمد للمادة رقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي بموجبها تصبح المستوطنات غير مقبولة. وأشار الكاتب إلى الحكومة الأسترالية التي رفضت علانية اعتبار المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير قانونية، وطالب الموالين لإسرائيل في الكونجرس بالعمل من أجل تمرير قرار يؤكد ضمان حياة اليهود في الضفة الغربية. تهديد نتنياهو ? وفي تقريره المنشور على صفحات «هآرتس» أمس الأول والمعنون بـ «نتنياهو يهدد بإقالة ليفني بسبب لقائها عباس»، رأى «جوناثان ليز» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو غضب غضباً شديداً من «تسيبي ليفني» وزير العدل وكبيرة المفاوضين الإسرائيليين في المفاوضات مع الفلسطينيين، كونها التقت الرئيس الفلسطيني في لندن. وهي بذلك تخالف السياسة الإسرائيلية التي تقضي بوقف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني بعد اتفاق المصالحة المبرم بين «فتح» و«حماس». لقاء «ليفني» و«عباس» هو الأول من نوعه منذ فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات يوم 29 أبريل الماضي. ويشير «ليز» إلى أن الحديث عن تهديد ليفني بالإقالة، ظهر للمرة الأولى من خلال الصحفي «بن كاسبت» في صحيفة «معاريف»، علماً بأن ذلك يتناقض مع تقرير سابق يشير إلي أن ليفني أخطرت نتنياهو بعزمها لقاء عباس قبل موعد إجراء اللقاء بـ 24 ساعة. وضمن هذا الإطار، صرّح أحد المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأن نتنياهو ركز لوزيرة العدل على أنها تمثل نفسها في اللقاء وليس الحكومة الإسرائيلية، غير أن صحيفة «معاريف» نقلت تصريحاً لـ «ياش عتيد» رئيس حزب «يائير لبيد»، حث فيه «نتنياهو» على إعادة النظر في إقالة «ليفني» لأن هكذا خطوة ستؤدي إلى احتمال حل الحكومة الإسرائيلية. قيود الميزانية ? تحت عنوان «جيش إسرائيلي قوي»، نشرت «جيروزاليم بوست» يوم الثلاثاء الماضي افتتاحية، رأت خلالها أن التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل خطيرة ووشيكة، وتفاصيل الميزانية العسكرية من الضروري أن تحظى بالسرية. الصحيفة تقول إن رئيس الأركان الإسرائيلي أطلق مفاجأة يوم الاثنين الماضي، تمثلت في الإعلان عن إلغاء المناورات التدريبية التي يشارك فيها الجنود الاحتياط طوال العام الجاري، وذلك بسبب تقليص الميزانية العسكرية. الصحيفة نقلت تصريحاً لوزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون أدلى به مطلع الشهر الجاري أمام لجنة الدفاع والخارجية بالكنيست، مفاده «إننا سنكون مضطرين لتخفيض معايير التدريب الجوي والبري والبحري». وحسب الصحيفة، قررت وزارة الدفاع الإسرائيلية وقف صرف 10 آلاف شيكل يتم اعتمادها سنوياً لإحياء ذكرى ضحايا مذبحة «معالوت» التي وقعت عام 1974، ونفذتها عناصر تابعة لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وأودت بحياة 31 إسرائيلياً من بينهم 22 طفلاً، والسبب قيود الميزانية، لكن هذه القيود لم تمنع 25 ضابطاً كبيراً في الجيش الإسرائيلي من السفر هذا الشهر إلى الولايات المتحدة في رحلة مدتها 10 أيام، ولقاء عدد من المسؤولين والشخصيات الأميركية. وزارة المالية رفضت طلباً من وزارة الدفاع بزيادة ميزانية الوزارة لهذا العام بمقدار ملياري شيكل، ورفضت كذلك زيادة ميزانية العام المقبل بـ 5 مليارات شيكل، كما أن وزير المالية قال من السيئ جداً أن تقوم وزارة الدفاع باستخدام تكتيك تخويف الإسرائيليين بدلاً من الاهتمام بالمشكلات الهيكلية في الوزارة. المالية تتهم وزير الدفاع ورئيس أركانه بالانخراط في سياسة الابتزاز العاطفي للإسرائيليين من خلال تصريحات إعلامية تقول: ما لم تتم زيادة الميزانية العسكرية ستصبح إسرائيل ضعيفة في مواجهة أعدائها، وستكون الحكومة مسؤولة عن هذا السيناريو. لا لمقاطعة «جي ستريت» ? في مقاله المنشور بـ «يديعوت أحرونوت»، أمس الأول، وتحت عنوان «مقاطعة جي ستريت خطأ فادح»، استنتج « بن درور يميني» أنه بدلاً من الانخراط في حملة لشيطنة هذه المنظمة، ينبغي تقوية الجانب الموالي لإسرائيل داخلها الذي لا يزال قائماً. الكاتب يقول: «قبل أسابيع عدة، وخلال مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى، تم التصويت ضد إدماج منظمة «جي ستريت» في هذه المنظمات. القرار أثار موجة من السجال داخل المجتمع اليهودي وفي الولايات المتحدة، عادة ما يصوت اليهود لمصلحة الحزب «الديمقراطي» ولصالح مواقف الحزب تجاه الدولة العبرية، ومنظمة «جي ستريت» هي أقرب المنظمات لرؤى «الديمقراطيين». «جي ستريت» مرتبطة بتنظيمات أخرى مثل «الصوت اليهودي من أجل السلام» التي أصبحت واحدة من المنظمات الضالعة في شيطنة إسرائيل، ولم يتمكن نشطاء «جي ستريت» من تفعيل نشاط واحد موالٍ لإسرائيل. لكن بمقدور المرء أن يوجه نقداً شديداً لإسرائيل التي تؤيد توسيع المستوطنات، دون أن يكون معادياً لإسرائيل. وهذا ينطبق على كل من البروفسور «إيرون كتلر» و«ألان دورشوفيتز»، لكن الأخير هو أحد أبطال فيلم «التحدي الذي تمثله جي ستريت»، الفيلم يفضح الفجوة بين الخطاب الرسمي للحركة كمؤسسة موالية لإسرائيل، وبين كونها تتلقى تبرعات من شخصيات معادية لإسرائيل كالملياردير «جورج سورس» وهو عضو في منظمة تدعم نظام «آيات الله» في إيران. وحسب الكاتب، فإن رفض «جي ستريت» للعقوبات المفروضة على إيران، يبعث على حالة تتجاوز مجرد عدم الارتياح، والأكثر من هذا أن أحد قيادات «جي ستريت» وهو «دانيال ليفي» ادعى أن تدشين إسرائيل كان خطأ، علماً بأن المنظمة لم تعلق على هذه الادعاءات. ورغم كل هذا، من الخطأ مقاطعة منظمات من هذا النوع، لأن ثمة روحين تقبعان فيها، الأولى داعمة لإسرائيل ولديها قلق من احتمال تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، والروح الأخرى موالية للفلسطينيين، ومن ثم ينبغي فضح الأنشطة المعادية لإسرائيل التي تقوم بها هذه المنظمات، لكن في الوقت نفسه، علينا تقوية جانب بداخلها يدافع عن إسرائيل، وهذا المنطق يفسر لنا سبب مشاركة بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي عن حزب «ليكود» في اجتماع سنوي لـ «جي ستريت». إعداد: طه حسيب