إسرائيل دولة احتلال وأميركا تتهمها بسرقة أسرارها مشروع قانون يجعل إسرائيل وطناً قومياً لليهود، وإسرائيل دولة احتلال لا مجرد دولة فصل عنصري، وعقوبات إسرائيلية على السلطة الفلسطينية، وتقرير أميركي يتهم إسرائيل بالتجسس على أسرارها.. قضايا نسلط عليها الضوء في قراءة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. هوية إسرائيل انتقدت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي إعلان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أنه يعتزم اقتراح قانون أساسي جديد يضمن لإسرائيل بأن تصبح وطناً للشعب اليهودي، بعد أن حذر من وجود «من يسعى إلى تقويض الأسس التاريخية والأخلاقية لقيام دولة إسرائيل كوطن للشعب اليهودي»، لكن الصحيفة تعارض هذا التوجه وترى فيه تضليلاً واضحاً سينقلب على إسرائيل نفسها؛ فالجميع يعرف، تقول الصحيفة، بمن فيهم نتنياهو نفسه ومن ورائه اليمين الذي يمثله، أنه لا خطر محدق بدولة إسرائيل، لا من الداخل، ولا من الخارج يصل إلى حد تهديد وجودها، بل إذا كان هناك من تحد تواجهه إسرائيل فهو سياساتها الخاصة التي يصر عليها نتنياهو والمتمثلة في مواصلة الاحتلال ودعم الاستيطان الذي يتم فرضه على الفلسطينيين ليصبح الخطر الداهم هو إدماج سياسات غير مقبولة في صلب الدولة باعتبارها مكوناً أساسياً لوجودها. وتضيف الصحيفة أن المعنى الحقيقي لمقترح القانون هو إزالة تلك العقبات الديمقراطية التي كانت تحول في السابق دون التمييز الممنهج ضد المواطنين العرب داخل إسرائيل، أو دون قضم الأراضي الفلسطينية، فمن شأن القانون إذا صادق عليه الكنيست وحوله إلى تشريع ساري المفعول أن يلغي تدخل المحكمة الدستورية التي كانت حتى هذه اللحظة تمنع تغول المشروع الاستيطاني، أو على الأقل الحد من غلوائه، ولتتحول إسرائيل إلى دولة الشعب اليهودي تنعدم فيها حقوق المواطنين غير اليهود، وبمعنى أوضح يهيئ مشروع القانون الطريق لمزيد من التمييز بغطاء قانوني ضد الفلسطينيين، وهو أمر من شأنه أي ينزع عن إسرائيل رداءها الديمقراطي الذي لطالما فاخرت به أمام العالم، باعتبارها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. الأبرتهايد والاحتلال: يغوص الكاتب الإسرائيلي، “زيفي بارئيل”، في الكشف عن الفروق الشاسعة بين الأبرتهايد والاحتلال، وذلك في مقاله بصحيفة «هآرتس» يوم الأربعاء الماضي، فحسب الكاتب غالباً ما يلجأ الإسرائيليون الليبراليون واليساريون إلى استخدام كلمة «الأبرتهايد» لوصف نظام الفصل العنصري المتشكل في الأراضي الفلسطينية، وسياسة الكيل بمكيالين التي تعتمدها السلطات الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين سواء فيما يتعلق بالطرق الخاصة باليهود دون غيرهم، أو حتى النظام القضائي الذي ينحاز ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بحيث ما يطبق على اليهود، هو غير ما يسري على الفلسطينيين. لكن هذا الواقع الذي فعلا يحيل إلى نظام الفصل العنصري يخفي أكثر مما يكشف، لأن المشكلة ليست الأبرتهايد، وكأن لسان حال الإسرائيليين الليبراليين يقول إنه لو فقط غيرت الدولة سياساتها وساوت في القوانين بين اليهود والفلسطينيين، وأدخلت جرعة أعلى من العدالة الاجتماعية لكان الوضع أفضل ولقبل الفلسطينيون بالأمر. والحال أن المشكلة، كما يوضحها الكاتب، لا تكمن في القوانين ولا في الفصل، بل في الاحتلال الإسرائيلي الذي هو أسوأ من كل فصل عنصري ما دام هذا الأخير نتيجة طبيعية للاحتلال وليس العكس. فمع افتراضنا أن الفلسطينيين، يقول الكاتب، يتوقون للعدل والمساواة مع اليهود، فهل يعني ذلك أنهم تخلوا عن تطلعاتهم القومية المشروعة في إقامة دولتهم الخاصة؟ بالطبع لا يجيب الكاتب، فالأبرتهايد الذي يتحدث عنه اليسار والليبراليون في إسرائيل ليس أكثر من محاولة للاستنجاد بالعالم الذي وقف مرة ضد الفصل العنصري بجنوب أفريقيا علَّه ينقذهم من أنفسهم بعدما فشلت محاولات الضغط من الداخل، لكن المشكلة يكرر الكاتب في الاحتلال نفسه، وفي الأبوية التي يسعى البعض لفرضها على الفلسطينيين، وكأن مشكلتهم تتلخص في الحقوق المدنية، فيما هو يتوقون لحقوق سياسية أشمل ليس أقلها التحرر من الاحتلال وقيام دولتهم المستقلة. معضلة إسرائيل تحدثت صحيفة «جيروزاليم بوست» في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي عن معضلة إسرائيل في التعامل مع السلطة الفلسطينية على خلفية التطورات الأخيرة التي تلقيها الصحيفة كلياً على عاتق السلطة من انهيار مفاوضات السلام والتقدم بطلب الانضمام للمنظمات الأممية، إلى المصالحة مع «حماس»، فإسرائيل، تقول الصحيفة، تجد نفسها في مأزق حقيقي بين الضغط على السلطة عبر فرض عقوبات قاسية قد تؤدي إلى انهيارها، وبين الامتناع عن ذلك وتوليد انطباع بأن إسرائيل عاجزة وضعيفة، الأمر الذي يشجع السلطة الفلسطينية على مزيد من التشدد، على حد قول الصحيفة. فرغم العقوبات التي باشرتها إسرائيل تظل غير كافية ومجرد تنبيه لا يرقى إلى شل الاقتصاد الفلسطيني، ومن بين تلك العقوبات التي تعددها الصحيفة اقتطاع جزء من الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة، لا سيما أن هذه الأموال تُستخدم لسداد الديون المستحقة على السلطة لشركة الماء والكهرباء الإسرائيلية، يضاف إلى ذلك اقتطاع جزء من التعرفة الجمركية، لكن رغم ذلك لن تساهم هذه الاقتطاعات في دفع المتأخرات الفلسطينية المستحقة لإسرائيل، كما لم توقف رواتب موظفي السلطة والجهاز الأمني لأن السلطة تتلقى مائة مليون دولار من التحويلات العربية كل شهر للاستمرار في القيام بمهامها، وعلاوة على العقوبات المالية هناك ما يتعلق بالأرض، حيث ستعمل إسرائيل على تجميد حق الفلسطينيين في البناء والتشييد في المنطقة «ج» من الضفة الغربية التي تديرها إسرائيل، كما ستلغي تحويل 1400 هكتار من الأراضي الفلاحية للسلطة، هذا ناهيك عن وقف تأشيرات الشخصيات المهمة التي كانت تصدرها إسرائيل لقيادات السلطة، تفادياً لمرورهم عبر نقاط التفتيش، ومع أن الصحيفة تعترف بالتداعيات المؤلمة لهذه العقوبات على الاقتصاد الفلسطيني بالنظر إلى ارتباطه بإسرائيل سواء من حيث التصدير، أو الاستيراد، أو حتى العمالة الفلسطينية في إسرائيل التي يقدر عددها بأكثر من 150 ألفا يعبرون يومياً الحدود للعمل داخل الدولة العبرية، إلا أنها تقول بأن لا تصل إلى حد انهيار السلطة، وليس ذلك لأن الانهيار في حد ذاته يضر بمصالح إسرائيل، وبخاصة الأمنية منها ويلقي بعبء الفلسطينيين على ظهرها، بل لأنها فقط لا تريد انهيار السلطة. التجسس على أميركا أفاد تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوم الأربعاء الماضي بانزعاج مسؤولين إسرائيليين، بينهم دبلوماسيون سابقون، من تحقيق نشرته مجلة «نيوزويك» الأميركية يتهم إسرائيل بالتجسس على الولايات المتحدة ونقل أسرار صناعية وأخرى أمنية إلى الخارج، حيث سارعت السفارة الإسرائيلية في واشنطن إلى نفي وجود أي نشاط تجسسي تقوم به إسرائيل على التراب الأميركي، منتقدة المقال الذي نشرته المجلة باعتباره «محاولة لتلطيخ صورة إسرائيل»، وذهب مصدر دبلوماسي رفيع في تل أبيب إلى أن السلطات الإسرائيلية ستبعث برسالة واضحة إلى أميركا بشأن الاتهامات، معتبراً أن بعضها تفوح منه رائحة «معاداة السامية»؛ وكان التقرير الذي نشرته المجلة الأميركية خلال الأسبوع الماضي قد أشار إلى «جهود إسرائيل لسرقة الأسرار الأميركية تحت غطاء البعثات التجارية والعقود الدفاعية المشتركة، وأنها تجاوزت في ذلك الخطوط الحمراء، بل ذهبت أبعد من حلفاء أميركا الآخرين في التجسس عليها»، وأضاف كاتب المقال في «نيوزويك» أن «الصهاينة دأبوا على إرسال الجواسيس إلى أميركا قبل حتى أن تقوم إسرائيل بهدف جمع الأموال والحشد لقضيتهم ولدولتهم الناشئة»، بل إن المقال استشهد بموظفين في الكونجرس أشاروا إلى وجود أنشطة تجسسية لإسرائيل داخل أميركا، لكن المسؤولين في إسرائيل، وحسب تقرير «يديعوت أحرونوت» اعتبروا الاتهامات مجرد محاولة للالتفاف على مطالب الدولة العبرية بإعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول إلى أميركا أسوة ببلدان أخرى، وهو ما ترفضه أميركا حتى الآن بالنظر إلى تحفظاتها على معاملة إسرائيل للمواطنين العرب الأميركيين الراغبين في زيارة إسرائيل، وأيضاً خوفاً من مسألة التجسس. إعداد: زهير الكساب