هيمنت روسيا على القرم وتهدد بمزيد من العدوان، وآن أوان التحرك، وأيضاً التفكير من منظور استراتيجي، ولكن ما هو النهج الاستراتيجي الأساسي الذي ينبغي لواشنطن وحلفائها اتباعه؟ وكيف يمكن تطبيق هذا النهج بمرور الوقت بحيث تفيد تحركاتنا التكتيكية مصالحنا على المدى الطويل؟ وهل من الممكن تفادي تعزيز نفسية الحرب الباردة الشاملة التي تشجع عليها روسيا باعتقاد أنه يمكنها الفرار بفعلتها؟ ولحسن الحظ أن الأسلحة النووية ليست ضمن الصراع الدائر في الوقت الراهن، إذ تخلت عنها أوكرانيا عام 1994 في مقابل تطمينات بشأن سلامة أراضيها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، وأما الآن، فقد سيطر أحد هؤلاء المطمئنين على شبه جزيرة القرم، فما هي تداعيات ذلك على الانتشار النووي؟ وتبدو هذه أسئلة صعبة، لكن يجب توصيف الوضع بصورة واقعية، وأيّاً كانت وجهته على المدى الطويل، فقد أصبح الخوف يساور الدول المجاورة لروسيا، ويعتقد كثير من الروس أن رئيسهم أعلن عزمه استعادة نطاق الاتحاد السوفييتي السابق مرة أخرى تحت النفوذ الروسي، إن لم يكن ضمه إلى الدولة الروسية. ووضع بوتين قوات وتجهيزات عسكرية أخرى على مقربة من هذه الدول وأشار إلى رغبته في استخدامها، وبمرور الوقت سيؤدي العناد والخوف في أوكرانيا والدول الأخرى المجاورة نتيجة تحركات بوتين إلى إثارة تحركات وأنشطة مضادة من شأنها تقويض الأمن الروسي. وقد أوضح بوتين رغبته في تقليص إمدادات كميات كبيرة من النفط والغاز الروسي إلى أوكرانيا ودول أوروبا الغربية، ويتلاعب بالأسعار، بعد أن طورت موسكو تعاملات تجارية ومالية مهمة مع دول غربية، وخصوصاً ألمانيا وبريطانيا وفرنسا. ولكن هذه الأصول تمثل أيضاً التزامات محتملة، فالاقتصاد الروسي يعتمد على هذه الترتيبات التجارية والمالية وعلى الدخل من مبيعات النفط والغاز التي تسجل في الوقت الراهن أسعاراً قياسية مرتفعة. وعلاوة على ذلك، تعاني روسيا من كارثة ديموغرافية وشيكة نتيجة تراجع معدلات الخصوبة وتراجع أعمار الرجال بشكل كبير، بما في ذلك الفئة العمرية العاملة، في ضوء هجرة كثير من الشباب الروس، كما أن هناك ثورة مفتوحة في القوقاز. وفي هذه الأثناء، تمتلك الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون قوة كبيرة، وخصوصاً إذا مورست بمرور الوقت بعزيمة، إذن ما هي الأجندة التي ينبغي لواشنطن اتباعها؟ يتعين على الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تمتلك خطوط إمداد سهلة إلى أوروبا، والتي زادت قدرتها على إنتاج النفط والغاز، تعجيل صادرات النفط والغاز والتشجيع على تطوير هذه الموارد. وتجب مساعدة أوكرانيا للمضي قدماً بثبات ضمن الإطار العالمي، استناداً إلى تحسين الإمكانات الاقتصادية والحكم الأمين والموثوق، بحيث يمكن للأوكرانيين تحديد اختياراتهم بشأن علاقاتهم السياسية والاقتصادية. ويمكن أيضاً أن تصبح أسواق المال مصدراً لتأثير ضخم إذا تم منع روسيا من الاستثمار فيها، وبدأت العملة الروسية في فقد قيمتها. وعلى النقيض من التدخلات السوفييتية أثناء الحرب الباردة، سيؤثر الاعتداء الأخير على الأسواق والاستثمارات ومستوى معيشة الشعب في روسيا. وعلى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ضمان تعزيز قدراتهم العسكرية والالتزام بالمادة الخامسة من معاهدة حلف «الناتو»، التي تنص على رد موحد على أي هجوم ضد أي من الدول الأعضاء. جورج شولتز: وزير الخارجية الأميركي من 1982 إلى 1989 سام نون: رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ من 1987 إلى 1995 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»