هل توجد علاقة ضرورية بين الإخوان المسلمين والإرهاب؟ يتصل السؤال المطروح هنا بثلاث مرجعيات هي الإسلام والإرهاب والمسائل المطروحة في العِقد الثاني من القرن الثالث عشر. إنه تركيب يكتسب شرعيته من واقع الحال القائم، بين عناصر هذا التركيب الثلاثة. وحين يواجه المرء هذا التركيب بعناصره المذكورة يبرز مفهوم «النصّ» جنباً إلى جنب مع مفهومين آخرين هما «البِنية» و«القراءة» ونحن هنا، كي نتابع عناصر الموقف، نجد أنفسنا مضطرين إلى الكشف عن العوامل الكامنة وراء الرغبة في الاتصال بالإسلام، سواء جاء هذا الاتصال مباشرة عن طريق النص الديني الأول (القرآن الكريم)، أو عن طريق النصوص الأخرى التي تصنع، مجتمعة ما يُدعى «تاريخ الإسلام» في شتى صيغه الكتابية وبأي من اللغات التي قدم فيها منذ الإسلام الباكر مثل الفارسية والتركية والأندلسية، إضافة إلى لغات قديمة وحديثة وراهنة. أما النقطة المحورية التي تظهر في الإشكالية التي نبحث عنها ها هنا، فتتمثل في ما وراء استخدام الإسلام بمثابته استراتيجية أو تكتيكاً أو أهدافاً إن ما وراء ذلك إنما هو ثنائية المصلحي والمعرفي. وغالباً ما يتغلب المصلحي على المعرفي. والمهم في ذلك هو الكامن في تلك الثنائية الجدلية: المصالح بكل تشكلاتها ودلالاتها، والمعارف بما يدخل فيها من معارف تكوينية ومن مصالح تسويفية. وضروري أن نضيف إلى ذلك تلك العوامل الداخلية والأخرى الخارجية، التي تسهم في الإجابة على أسئلته وتوجهاته ورغباته، وغالباً بالمقارنة مع مواقف وتوجهات إسلامية. بهذا الجهد، نكون قد أكدنا على النسبي والطارئ كما على الأكثر من النسبي وعلى ما ينظر إليه ثابتاً. نحن إذن هنا أمام التاريخ والبشر متحركين مفتوحين، وكذلك ثابتين في ما يفصح عن هوياتهم المباشرة. ولقد كان لـ «القراءات» المتعددة للقرآن بل للتأكيد عليها، دور في أنسنة النص القرآني وتقريبه من مصالح الناس وأفهامهم. وهذا بدوره أسهم في إنتاج وبلورة نمط من الفهم القرآني المفتوح وفق جدلية المعارف والمصالح وفي سياقات تاريخية يمكن اكتشافها: إن تاريخية النص القرآني تجد مسوغها في كونها استجابة للواقع المعيشي والمتغير، أي لواقع البشر المتحول ثابتاً عبر كونه يرجع إلى التاريخ وللثابت متحولاً عبر كونه قائماً على التخطي والتجاوز. إن وجود قراءات متعددة للإسلام نصّاً وتاريخاً وراهناً من شأن - خصوصاً في أتون ما يمر به الوطن الصغير والوطن الكبير-، يحمل في ثناياها الكثير من المفاهيم والمصطلحات والحدود، فإن حديثاً عن إسلام إرهابي، يغدو غير ذي معنى، وكذلك الحديث عن «إرهاب إسلامي»، فالتوافق بين المطلق نسبياً والنسبي مطلقاً وضمن كون المقصد من ذلك هو سعادة البشر، التي لا يمكن أن تكون فعلية إلا إذا قام ذينك المطلق والنسبي على المحايثة بينهما أولاً، وإلا إذا انطلق من أن تلك السعادة إنما هي ذات بعد واقعي متوافر في المجتمع البشري هذا أو ذاك، كما أراد العزّ بن عبد السلام، في حينه أن يعلن، وثمة مسوغ آخر لذلك المطلب يقوم على المحافظة على ما يراه البعض ضرورياً وحاسماً، وهو رفض القول بإمكانية تحول المطلق إلى نسبي متغير. وهذا ما يدعوه البعض «تلويث الدين» بمتغيرات السياسة وألاعيبها.